عادت سهير رمزى للأضواء مجددا بعد صمت طويل دام ست سنوات وبدأت تصوير مسلسلها الجديد «جداول»، العودة يصاحبها عادة لفت انتباه يشبه دقات المسرح الثلاث لإثارة الاهتمام، والحقيقة أنهما دقتان فقط أو إن شئت الدِّقة تصريحان ترددهما فى كل أحاديثها، الأول أن سوزان مبارك منعت عرض مسلسلها الأخير «حبيب الروح» لأنها كانت ترتدى الحجاب وسوزان كانت تخشى أن تسهم سهير فى انتشاره، الثانى هو أنها تتبرأ من فيلم «المذنبون» لأسباب بالطبع متعلقة بالمشاهِد التى تُوصف عادة بالجريئة، لماذا فقط «المذنبون» هو الذى أثار غضب سهير رمزى، أغلب أفلامها حفلت بمشاهد إغراء بل إن سهير يعتبرها البعض ممثلة إغراء فقط، وأنا لا أتفق مع هذا الرأى فهى فى الحقيقة ممثلة موهوبة وحضورها الأنثوى على الشاشة واحد من أهم أسباب الاستعانة بها فى أفلام مثل «ثرثرة فوق النيل» و«أين المفر» و«امرأة من زجاج» و«حتى لا يطير الدخان» و«بالوالدين إحسانا» و«ممنوع فى ليلة الدخلة» وغيرها، أغلب الظن أنها أرادت أن تضحى بفيلم واحد لتُرضى تيار مَن يحرّمون الفن من أجل أن تحتفظ بالباقى بعيدا عنهم، تتبرأ من «المذنبون» مثلما تبرأت شمس البارودى من «حمام الملاطيلى» ولكنها لم تدرك أن شمس نشرت إعلانا فى أكثر من جريدة تطلب فيه حرق كل أفلامها وليس فقط «الملاطيلى»، لماذا لم تأخذ سهير الدرس من شادية التى اعتزلت فى صمت ولم تتبرأ من فيلم أو أغنية. سهير تريد أن تقف فى تلك المنطقة الرمادية التى تسمح عادة بالتناقض والجمع بين تحريم التمثيل وممارسة التمثيل من خلال إطار يطلقون عليه شرعيا، فهى تمثل ولكن بالحجاب ومن المؤكد تشترط مواصفات فى الشخصية التى تؤديها وتحرّم أداء مشاهد تريد أن تتطهر أولا، فإذا اعتبرت أن ماضيها الفنى معصية فلماذا فقط «المذنبون» هو المعصية؟
ويتبقى اتهامها لسوزان مبارك بأنها تدخلت ومنعت مسلسلها «حبيب الروح»، نعم كانت سوزان لا ترحب بالمحجبات، لها العديد من الوقائع التى تؤكد ذلك ولكنها كانت مشغولة بتوريث الحكم لجمال وليس بحجاب سهير رمزى، أغلب الظن أن هناك من أراد أن يلاعب سهير بتلك المعلومة التى تُرضِى غرورها فهو لم يقل لها الحقيقة وهى أن هناك لجنة لاختيار مسلسلات رمضان كان يرأسها د.فوزى فهمى، هى التى تحدد ما يُعرض فى هذا الشهر وتم استبعاد مسلسلها من خلال ثلاثة أعضاء، لم تكن كل اختيارات اللجنة هى الصائبة بالطبع ولكنها لم تضع الحجاب فى مواصفات المفاضلة كما أن هناك أكثر من مسلسل لمحجبات مثل حنان ترك وصابرين وعبلة كامل كان لهم مساحة فى العرض.
الفنانة المحجبة والعودة للأضواء أراها معادلة صعبة، من الممكن أن تواصل الفنانة المحجبة العمل ولكن مرحلة الابتعاد والعودة وتبرير العودة وماضيها الفنى، كيف تتعامل معه.. كلها عوامل تتفاعل فى نفس اللحظة، حنان ترك وجدت نفسها فى أتون صراع حسمته فى رمضان الماضى بعد مسلسلها «الأخت تريز» واختارت الاعتزال. صابرين وضعت باروكة على الحجاب فلا هى تمثل بحجاب ولا هى تمثل بشعرها وبددت طاقتها خارج النص.
الأيام القادمة لا شك سوف تحمل فى طياتها حضورا مبالغا فيه للمحجبات، شركات إنتاج بدأت فى تحديد شروط للبطلات والأبطال وسوف تتخلل الدراما مشاهد مباشرة فى هذا الاتجاه سواء لنشر الحجاب أو للترويج للّحية. محاولة فرض الحجاب واللحية على الدراما سوف تصطدم بأن حالة المثالية التى تفرضها هذه الشركات على العمل الفنى ستقابَل بعدم مصداقية لأن الناس ترى أن الحجاب ليس شرطا للفضيلة وكم من الجرائم الأخلاقية ارتكبها أصحاب اللّحى.
سهير رمزى من حقها أن تكرر التجربة وتعود للاستديو، ورأيى الشخصى أن الناس شاهدتها فى «حبيب الروح»، وهم لديهم صورة ذهنية لأفلامها القديمة فلا يمكن أن تنتزع فى لحظة ذاكرة بصرية لمجرد حجاب. حاولوا أن يشاهدوا سهير التى يعرفونها فلم يجدوها، حاولوا أن يشاهدوا سهير أخرى فلم يعثروا عليها، الفنان لياقة فنية أمام الكاميرا وفى آخر ظهور لها فقدت سهير لياقتها، ولا أتصور أن التطهر من «المذنبون» هو الحل.