لم تكن صدفة أن تأتى هذه السيدة سفيرة لأمريكا فى مصر بعد ثورة يناير.
هى جاءت لتعقد الصفقة الأمريكية مع الإخوان الذين تتحمس لهم أكثر من حماس زوجاتهم للجماعة!
هذه السفيرة آن باترسون جاءت بالأجندة الكئيبة الكارهة للقوى المدنية فى مصر وبالنظرة الاستعمارية المتعالية على قدرة الشعب المصرى على ممارسة الديمقراطية، وهى منذ حطت خطواتها على رصيف السفارة الأمريكية لا تفعل إلا أن تتحول بوقًا بالإنجليزية للإخوان المسلمين وآلة دعاية دولية سوداء ضد كل القوى والأسماء الوطنية المعارضة للإخوان.
لقد لعبت دورا هائلا فى الضغط على المجلس العسكرى لإجراء انتخابات برلمانية عَجُول متعجلة حتى تمنح الإخوان شرعية الشعبية المتوهَّمة، وصممت مع الإخوان على انتخابات رئاسية قبل الدستور، وضغطت بعنف على المجلس العسكرى لتمرير كل أوامر الإخوان، وعملت على بناء علاقة يومية بين الإخوان والإدارة الأمريكية لمواجهة العلاقة المتينة بين الجيش المصرى والبنتاجون، فتخلق بذلك توازنا فى العاصمة واشنطن بين تأثير الجيش والإخوان فى صناعة القرار الأمريكى الخاص بالقاهرة. وكانت أداة تغذية للأجهزة الأمريكية سواء وزارة الخارجية أو المخابرات أو وسائل الإعلام عن قوة الإخوان وعن رغباتهم الإصلاحية «المزعومة» و«إيمانهم» بالديمقراطية واستعدادهم لخدمة أهداف أمريكا، وعن ضعف المعارضة المدنية وعدم قدرتها على مواجهة تيار الإخوان.
كانت ولا تزال هذه السيدة ذات الحضور الكئيب تسعى لدى حكومتها لتأكيد خطتها التى تنفذها بتفانٍ صليبى، وهى أن جماعة الإخوان حليف أمريكى يجب عدم التخلِّى عنه أبدًا.
سِجِلّ خدمة هذه السيدة يحفل بالظهور فى قلب سياسات التآمر الأمريكى، ولعل البلد الذى خدمت فيه قبل مصر كاشف تماما لحقيقة دورها، فقد كانت سفيرة أمريكا فى باكستان حيث شاركت فى سيطرة الإسلاميين الخدامين للموقف الأمريكى رغم غباوة تصريحاتهم وغشم تطرفهم، وحيث مخابرات وجيش باكستانيان يمثلان دولة داخل دولة، فضلا عن عمالة مفرطة لأمريكا.
باترسون جاءت لهذا الدور ولتنفيذ هذا الهدف، ثم أصبحت أكبر وأقوى صديق للإخوان فى واشنطن، وسوف يأتى اليوم، وربما «ويكيلكس» ليست بعيدة، لتعرِّى الدور المهووس للسفارة الأمريكية فى صفقة الإخوان بكل تفاصيلها، وكيف تناست هذه السيدة العجوز كل قيم الديمقراطية والتسامح والانفتاح التى تخوِتُنا بها أمريكا وتتحالف مع تنظيم كاره لكل قيم الحرية ومتعصب وطائفى، كأننا أمام باراك أوباما يقرر أن يكون عضوا فى حزب الشاى!
باترسون أداة فى منتهى النشاط العصبى منذ جاءت كى تعقد الصفقة وتضع الإخوان الإسلاميين على الحكم وتُرضِى الجيش بمكانة شبه مستقلَّة يستمر معها فى فلك السياسة الأمريكية، وليس غريبا أن المشير طنطاوى كان يكره هذه السيدة كثيرا ويتحاشى لقاءها ويترك المهمة لغيره ممن يحب أن يلتقيها، فقد كانت السيدة فجّة فى الضغط ومكشوفة النية ومتشوقة إلى النتائج ومتعجلة جدا اللحظة التى يرفع فيها رؤساؤها فى واشنطن التليفون ليهنئوها بوصول محمد مرسى إلى الرئاسة.