■ أسوأ ما ابتلى به هذا القرن قتل المدنيين، خاصة بعد اختراع المتفجرات والقنابل النووية والقنابل العنقودية.. فالذين قتلوا فى هيروشيما ونجازاكى من المدنيين.. وكذلك معظم الذين قتلوا فى الحربين العالميتين.. وكذلك قرابة مليون مدنى قتلوا فى حرب تحرير الجزائر.. ومعظم الذين قتلوا فى أفغانستان والعراق بعد الغزو الأمريكى لهما من المدنيين.
■ وكذلك قتلى تفجير مبنى التجارة العالمى بنيويورك فى 11 سبتمبر.. وتفجيرات الرياض والدار البيضاء وشرم الشيخ، وتفجيرات باكستان التى لا تتوقف كل أسبوع.
■ لقد أضحى قتل المدنيين عملاً شبه يومى وروتينى يستحله الجميع دون حياء أو خجل.. حتى وصل الأمر إلى تفجير كل مذهب لمساجد الآخر فى العراق.. دون اعتبار لقدسيتها وأمانها وفضلها عند أهلها.
■ ولم يقتصر التفجير على المساجد ولكنه امتد إلى الكنائس، ففجرت عدة كنائس فى العراق.. وتم تفجير القديسين فى مصر.
■ وكأنهم يرفضون أن يتركوا مكاناً واحداً آمناًَ للإنسان المسلم أو المسيحى.
■ وزاد الطين بلة فتوى القتل بالجنسية، وهى أول فتوى فى تاريخ الفقه الإسلامى.. حيث أفتى بعض من لا علم ولا فقه له بالشريعة بقتل كل أمريكى ويهودى.. وهذه أول سابقة فقهية باستباحة دماء أمة بأسرها فيها المسلم وغيره.. ومن يحب الإسلام ومن يكرهه، ومن لا يعرف عن الشرق الأوسط شيئاً.
■ وهذه أول سابقة باستباحة دماء أهل دين كامل والحكم عليهم بحكم واحد.. رغم هتاف القرآن العظيم «ليسوا سواء» كقمة للعدل القرآنى.
■ ثم تدهور الأمر وتدنى فبدأت ظاهرة القتل بالاسم بالعراق بعد تربع الشيعة على حكمها.. فكان متطرفو الشيعة المسلحون يقتلون كل من تسمى بـ«أبوبكر أو عمر».. وكأن الاسم علم على الجرم فى مأساة يندى لها الجبين.
■ أما صدام فقد قمع التمرد الكردى بتعميم القتل بالأسلحة الكيماوية على الأكراد.
■ ثم ساء الأمر أكثر حينما قام البعض بقتل علماء المسلمين بالمتفجرات فى بيوتهم أو فى مساجدهم لاختلافهم معهم فى الفكر السياسى أو الفقهى.. فبرهان الدين ربانى فجره شاب أفغانى لم يدرك أنه كان أكبر وأول عالم شرعى فى أفغانستان كلها.. وتذكر فقط الخلاف بينه وبين طالبان دون أن يرحم سنه وعلمه وفقهه.. ناسياً أنه أول من نشر الشريعة فى أفغانستان.
■ أما د. عبدالله عزام فقد اكتشف تلاميذه لغماً تحت منبره فى بيشاور قبل صلاة الجمعة بساعة.. ولما فشلت الخطة فجروه بسيارته مع أولاده دون أن تهتز لهم شعرة.. ناسين علمه وفقهه وبذله وعطاءه.. ذاكرين فقط الخلاف السياسى والفكرى والفقهى معه.
■ إن قتل العلماء أو تفجيرهم من أعظم المآسى.. وعادة ما يكون القتلة أقل فقهاً وبذلاً وعلماً وعملاً وعطاءً من هذا العالم.
■ لقد هتف الصديق أبوبكر فى جيوشه ليسمع الكون كله «لا تقتلوا طفلاً ولا امرأة ولا شيخاً ولا راهباً ولا تقطعوا شجرة أو نخلة».
■ وإذا كان هذا فى زمن الحرب.. فكيف ونحن نصنع ذلك مع أنفسنا والآخرين فى حالة السلم؟!
■ لقد أجمع الفقه الإسلامى منذ 14 قرنا وحتى الآن على حرمة قتل المدنيين.. وحرمه القانون الدولى.. ولكن عمى المتفجرات والذين يفجرونها ممن لا قلب لهم ولا عقل يأبى الامتثال لذلك.. ويصر على أن يعيش العالم كله فى غابة يأكل فيها صاحب المتفجرات والسلاح المسالمين من المدنيين.