«الوقاية خير من العلاج» هي السياسة التي أشار إليها رئيس جهاز حماية المستهلك عندما أحال 7 قنوات فضائية إلى النيابة للتحقيق معها لما تقدمه من إعلانات مضللة عن منتجات أجهزة تليفون محمول مقلدة لماركات عالمية بزعم أنها منتجات أصلية.
وتحولت هذه القنوات إلى النيابة بعد رفع دعوى من إحدى الشركات الكبرى، العاملة فى مجال أجهزة التليفون المحمول، بالتضرر فى مبيعاته لوجود تلك الإعلانات. كما أشار إلى أن هذه المنتجات تعمل على تضليل المشاهد وغشه وإمداده بالمعلومات الخاطئة.
ولكن إذا كانت إعلانات المحمول تضر بصحة وسلامة المواطن. فماذا عن إعلانات الأدوية التي تساعد على التخسيس أو ضد سقوط الشعر أو الإقلاع عن التدخين والأدوية التى تساعد على الإنجاب، وكلها غير مصرح بها من وزارة الصحة؟
أعتقد أن لها نفس الأهمية أو أكثر لأنها تضلل المشاهد وتحثه على تناول منتجات من الجائز أن تكون ضارة جداً بالصحة. كما توجد طبقة عريضة من الشعب ذي التعليم المتوسط «خاصة هؤلاء الذين يواجهون مشاكل السمنة وعدم الإنجاب»، والذين يسهل التأثير عليهم، وإقناعهم بأن تلك المنتجات هي السبيل الوحيد لديهم لتحقيق هدفهم.
ومع الزيادة الهائلة فى عدد القنوات الفضائية لن يستطيع جهاز حماية المستهلك وحده الوقوف أمام تلك الإعلانات متردية المستوى أو مراقبتها بانتظام.
الأمر يمكن أن يحل بسهولة عن طريق وجود هيئة مستقلة لوضع معايير وضوابط لمحتوى الإعلانات ومراقبتها ووقف بثها ومقاضاتها حال مخالفتها أيًا من المعايير.
ولكن هذا يتطلب منظومة عمل متكاملة تعمل بحرص على حماية المواطن من التضليل، وتكون معاييرها ملزمة لجميع القنوات. فعلى سبيل المثال توجد فى المملكة البريطانية المتحدة هيئة المعايير الإعلانية، وهى مسؤولة عن وضع الضوابط الملزمة لجميع المعلنين والقنوات من حيث المضمون ومن حيث الجودة «نقاء الصوت والصورة» ..
وتضم الهيئة لجنة مسؤولة عن المراقبة اليومية بالتزام القنوات بمحتوى الإعلانات طبقاً للضوابط..
وتضع الهيئة أيضًا ضوابط لمدة الإعلانات «على سبيل المثال لا تتعدى مدة الإعلانات 12 دقيقة فى الساعة للقنوات الخاصة»، أما القنوات المشفرة فبعض الدول تمنع بث إعلانات على شاشاتها أو تحدد نسبة معينة، لأنها تمول من خلال الاشتراك الشهرى للجمهور، وهذا لضمان سوق تنافسية ومنع فئة محددة من احتكار سوق الإعلانات.
وبالإضافة إلى الإعلانات المضللة، أصبحنا نشاهد إعلانات رديئة لغوياً، تمثل إساءة للذوق العام، فتصبح أحد مظاهر التلوث البصرى والسمعى والثقافى واللغوى والقيمى.
إن ما تشهده القنوات الفضائية من زخم إعلانى، يطارد المشاهد كلما انتقل من قناة لأخرى، يعبر عن غياب مفهوم التنظيم وغياب مفهوم حق المشاهد. مما يؤدى إلى ظهور تلك الإعلانات المضللة والمزيفة، حتى يستطيعوا البقاء على الساحة. لذلك يجب إنشاء هيئة مستقلة مسؤولة عن وضع الضوابط الإعلانية، بالتعاون مع جهاز حماية المستهلك والجمعيات الأهلية لحماية المستهلك والمحافظة على حقوقة ومكافحة الممارسات الإعلانية المضللة.