ما إن نشر مقالى أمس بعنوان «متى يكون الخلاص؟»، الذى قلت فيه إن مصر أمامها عشر سنوات على الأقل لتستعيد عافيتها بعد التردى الذى وصلت إليه جميع مرافق الحياة فيها، حتى انهالت علىَّ التعليقات ما بين مؤيد ومعارض، والتى كانت غالبيتها رافضة لذلك التقدير، حتى وصل البعض منها إلى حد القول بأن الخلاص سيكون بعد بضعة أشهر ليس أكثر بخروج الإخوان من الحكم.
وقد اتهمنى أبومحمود بكر قاسم، الذى لم يقل إنه من الإخوان، وإن كان من الواضح أنه يحترمهم، بأن ما قلته فى مقالى لا يعدو كونه «أوهاماً وأحلاماً»، وأنى أعلم جيداً أنه «ستكون هناك فترة ثانية للرئيس محمد مرسى لتكملة باقى النهضة، وستظل تكتب هكذا لغاية ما تنكسف من نفسك وترجع لضميرك، عفا الله عنك لأنك ترى الإنجازات وتنكرها».
والحقيقة أننى فى مقالى لم أقل فقط إنه لن تكون هناك فترة ثانية لمرسى، وإنما قلت إن أغلب الظن أنه لن يكمل فترته الأولى، وهنا أتفق مع من يتحدثون عن تغير الوضع الحالى خلال أشهر وليس خلال سنوات، لكنى قلت إن خروج مرسى من الحكم ـ سواء كان بانتخابات مبكرة، كما يحدث فى الدول الديمقراطية، أو بموجة ثانية من الثورة تتجمع الآن فى الشوارع والميادين بشكل متزايد ـ لن يعنى بالضرورة خروج الإخوان، فقد يقبلون التضحية بمرسى تحت الضغوط الشعبية، ويحاولون أن يدفعوا بغيره من أعضائهم.
وهنا اختلف معى «أبوسلام» قائلاً إن المعارضة الشعبية التى نشاهدها الآن هى معارضة للإخوان وحكمهم وليس لشخص محمد مرسى، لذلك «سيُخلع مرسى وأهله وعشيرته بغير رجعة، ولذا فهم يحاربون القضاء حالياً لهدمه بسبب توقعهم قرب نهايتهم وخوفهم من المصير المحتوم وهو المحاكمة ثم السجن».
وإذا كانت هناك آراء كثيرة رفضت قبول فكرة استمرار الإخوان فى الحكم لبضع سنوات مقبلة بمرسى أو دونه، فإن أحداً ممن بعثوا بتعليقاتهم لم يختلف معى فى أن خلاص مصر مما تعانى منه الآن من ترد اقتصادى وسياسى واجتماعى وخدمى، والذى كان هو عنوان مقالى، سيستغرق سنين طوالاً من الجهد الشاق والأموال الطائلة بعد خروج الإخوان، حيث سيكون حالنا ـ كما قلت فى المقال ـ كحال بعض الدول الأوروبية التى خرجت من الحرب العالمية الأخيرة مدمَّرة تماماً، لكننا مثلها بإمكاننا أن نعبر الأزمة ونعيد بناء البلاد «لو نجح الحكم القادم فى مصارحة الشعب بالحقيقة»، كما يقول مدحت مصطفى، الذى يضيف: «وظنى أن هذا لن يتأتى إلا بأن يتقاسم الشعب والحكام السراء والضراء فتكون التضحيات موزعة على الجميع، كلٌّ قدر طاقته».