ذهب رئيس الجمهورية، قبل أسابيع، بنفسه لطلبة الأزهر المتسممين. حين تكرر الأمر، قبل يومين، كلف مستشاره بمتابعة الموقف. لماذا ذهب فى الأولى؟ تساءل كثيرون، لكنه لم يزر أهالى الأطفال الخمسين ضحايا قطار منفلوط. لماذا لم يذهب فى الثانية إذا كان هذا مستوى اهتمامه فى الأولى؟ يتابع الناس المظاهر. يستنتجون منها المعانى. ليس عليهم حرج. فالرئيس لا يتكلم وأصواته لا تشرح.
أين تحقيقات وقائع المرة الأولى؟ تظاهر طلبة الأزهر. احتجوا على تسمم زملائهم. قطعوا الطرق. اقتحموا مكاتب. هتفوا ضد شيخ الأزهر. تمت إقالة رئيس الجامعة. اهتمت النيابة. استمعت لمدير المدينة الجامعية. حققت مع موظفين. لم تعلن على الرأى العام نتيجة التحقيقات. تطوعت القوات المسلحة وأرسلت مطبخا لجامعة الأزهر. حل محترم يعوض نقص الإمكانيات. تسمم بعد ذلك عدد من طلاب المدينة الجامعية للقاهرة. لم يحظ الأمر بنفس القدر من الاهتمام.
عينات المتسممين فى الواقعة الأولى لم تكشف عنها. خرج معظم الطلبة من المستشفى بعد غسيل معدة أو حقنة مطهرة. هدأت الأمور. صمتت النيابة. لم تحل متهماً إلى المحاكمة بعد. قال النائب العام إنه أمر مجدداً بالتحقيق. أين تحقيقات المرة الأولى قبل أن تبدأ الثانية؟ هل هناك شبهة جنائية؟ هل هناك حالة نفسية؟ قرأت تعليقات مختلفة تقول إن هناك تعمدا. إن القصد هو الإساءة لشيخ الأزهر. لا أجد ذلك منطقيا. ما هى علاقة الشيخ بطعام بعض الطلبة؟ هل هو مسؤول عن التغذية؟ أخطأ المجلس الأعلى لجامعة الأزهر حين أقال رئيس الجامعة فى المرة الأولى.
وزير الصحة هون من الأمر. قال: (تلبك معوى). لو كان كذلك فلماذا هو جماعى؟ أذكر وقائع جماعية حدثت فى مصر منذ زمن. حالات نفسية عامة. يتم تفسيرها سياسياً. عدد من طلبة الأزهر قال: «يعاقبوننا لأننا خلعنا رئيس الجامعة». غريب أن يظن الطلبة أن الجامعة تسممهم عقابا! الثقة منعدمة. مناخ عام فى مصر الآن سببه الأهم عدم وضوح القواعد. شعور عام بالظلم وعدم نيل الحقوق. توتر لا مثيل له. شائعات من كل نوع. النظام العام مرتبك.
بعيدا عن المطابخ والوجبات: الجامعات لديها مشكلة. الطلاب فى ضيق. الجامعات أصبحت ميدان عنف دموى. معارك طاحنة بين المختلفين سياسيا. رأيت فى بعض البرامج مسدسات وسكاكين فى أيدى الطلبة فى محافظات كثيرة. حالة تنتمى لحالة المجتمع الأشمل. مناخ يمكن أن يدفع الطلاب للشعور بالتسمم المعنوى. التلبك الاجتماعى. قبل التلبك المعوى. أول حل هو إعلان نتائج التحقيقات. الحل الناجع حل مشكلة مصر. مشكلتها كبيرة جداً. تبدأ من رأسها.