وعد الدكتور مرسى مجلس القضاء..
طيب ما يَعِد كما شاء.. فهل صَدَق مرسى وعدَه أبدًا؟
أولا: اجتماع مرسى مع الهيئات القضائية هو تدخُّل فى شؤون القضاء، فالرئيس ليس حَكَمًا بين السلطات، بل هو رئيس السلطة التنفيذية.
ثانيا: إنه بمجرد ذلك السعى الحثيث الغريب من مجلس القضاء للقصر الرئاسى فإن هذا المجلس يتخلى طواعية عن استقلاله ويتبرع بالتبعية للسلطة التنفيذية.
القاضى يجب أن لا يكون فى حضرة السلطان، ولا يمكن لقاضٍ مستقل حر أن يطرق باب الخليفة، وهناك حَطٌّ من مكانة القاضى وكبريائه حينما يسمح لنفسه بالتقرب والتودد من السلطة الحاكمة، منذ زمن الخليفة إلى أيام الرئيس.
التاريخ يعلِّمنا أن القاضى الحق وقاضى الحق يكون بالضرورة مترفِّعًا متعاليًا عن لقاء الحاكم، معتزلا منعزلا عن شؤون السلطة وشخوصها، ودائمًا ما يقف القاضى فى مواجهة بغْى السلطة والسلطان وبِطانة الحاكم الشريرة،
لكننا إزاء مشهد العُرْى والعار.
نعرف جميعًا أن مرسى هو قبضة جماعة الإخوان وذراعها فى قصر الرئاسة، وهو لا ينفى لها خبرًا ولا يعصِى لها أمرًا، وينفذ طائعا مختارا مخططاتها، فإذا بالبعض يصمم على الغفلة والتغافل، ويتعامل مع مرسى كأنه منفصل الصلة عن جماعته.
ومع ذلك فإن مرسى لا يقدم شيئا للقضاة إلا الشىء الوحيد الذى يجيده منذ جاء..
الوعود التى تَمَطَّرُ من فمه ولا تتجاوز جوفه، فلا هو ينفِّذها ولا هو يَفِى بها أبدًا. بل يفعل عكسها ويأتى بنقيضها تماما، والأمثلة منذ صباح الإعلان الدستورى الأزرق أكثر من أن تُحصى.
ثم مَن مرسى ليقدم وعودًا للقضاة فيفرح بعضهم بها فرحَه بتعيينه محافظًا بعد التقاعد أو وزيرا عقب المعاش؟
إنه رئيس الجمهورية.
طيب وهل ده يبقى استقلال قضاء عندما يتدخل الرئيس؟ فالذى يملك التدخل للصالح يملك التدخل للطالح، والذى تقبل به حَكَمًا قد يحكم لك أو عليك. إن نتائج اجتماع مرسى مع الهيئات القضائية رغم غموضها تدخُّل سافر فى شؤون القضاء وتنازُل مريب من قضاة مجلس القضاء عن استقلالهم، ثم المؤسف أن المراهنين على مرسى يراهنون على خسارة محتومة، فهو لن يتدخل إطلاقا لإنصاف القضاة أو استقلال القضاء، بل جماعة الإخوان ستفعل ما تريده وما تشاؤه، وسيبرر مرسى لها كل شىء كما يبرر دائما كل نَكْثٍِ بالقسم وإخلاف للوعد دون ذَرَّة تردد.