تخيلوا شيوخ قضاة ورؤساء هيئات قضائية (يبدو فى الظاهر أنهم مستقلون) يذهبون إلى محمد مرسى فى قصر الرئاسة وفى وقت أزمة كبيرة يصطنعها النظام مع القضاة فى القانون المشبوه الخاص بالسلطة القضائية فيخرجون من عنده وكأنه ليس لهم علاقة بالموضوع!
وكأن الرجل سحرهم.. وكأن الرجل أعطاهم حاجة أصفرة.
وكأن الرجل وعدهم بشىء، خصوصا أنه لم يبقَ لمعظمهم سوى شهر أو شهرين ويخرج إلى المعاش ويريدون أن يستمروا كمستشارين أو محافظين أو أى شىء!
ولا يكون لهم علاقة، أو كما قال أحدهم: «الرئيس لا يمكنه سحب القانون من (الشورى) لأنه لم يقدمه».
يعنى شربوا حكاية الفصل بين السلطات التى يدعيها محمد مرسى.
فى رأيهم أن محمد مرسى ليس له علاقة أيضا بالسلطة التنفيذية التى يمثلها، إنما هو ينفذ قرارات المقطم (مكتب الإرشاد) التى تأتيه جاهزة.
وبعدين إيه حكاية مؤتمر العدالة المبسوطين منه قوى رؤساء الهيئات القضائية، رغم أنه مؤتمر تلبيس العمة للقضاة أو قُل للمشايخ الذين لا يشعرون بالحرج من ذهابهم مرارا وتكرارا إلى قصر الرئاسة، وهو أمر لم يحدث فى عهود الديكتاتورية التى لا يمل الإخوان من إطلاقها على الفترات السابقة، فإذا بهم أم الديكتاتورية وأم الاستبداد.
فهل أعجبهم السادة شيوخ القضاة قصر الرئاسة فيذهبوا إليه فى رحلة ويعودوا ليشكروا الرئيس على حُسن الاستقبال.
وهل يعرف هؤلاء شيوخ القضاة الذين سيشاركون فى مؤتمر العدالة الذى سوف يذهبون مرة أخرى إلى قصر الرئاسة للمشاركة فيه -يعنى أن هناك تداخلًا بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية على غير ما يدعيه محمد مرسى- أنه ما كان يجب أبدا أن يكون مؤتمر العدالة يشرف عليه قصر الرئاسة.
ولعلهم يذكرون أن مؤتمر العدالة الأول والأخير الذى كان يرأسه المستشار الجليل المرحوم يحيى الرفاعى، واستطاع أن يقف أمام جبروت سلطة مبارك.. ولم يهرول القضاة إلى مبارك وقصره.
إنما أتى مبارك إلى احتفال نادى القضاة.
ومع هذا أسمعه القضاة والمستشار الرفاعى ما أغضبه ولم يهتموا بغضبه، وكان كل اهتمامهم استقلال القضاء وحريات المجتمع.
لقد طالبوه بإلغاء الطوارئ، وكان ذلك فى عام 1986.. وطالبوه باستقلال القضاء.
وطالبوه بالحريات فى المجتمع.. فأين تلك المطالب فى ما يقوله شيوخ القضاء لمرسى؟
وقد جار مرسى عليهم وفى وجودهم وعلى أعلى مؤسسات قضائية وحرض ضد القضاء، واعتدى عليه ولم يحترم أحكام القضاء، ومع هذا لم يتحدثوا فى هذا الشأن معهم.
ألم يعتدِ مرسى على المحكمة الدستورية؟
وألم يعتدِ على النائب العام وأتى بنائب عام خاص مخالف للقانون والدستور ودور المجلس الأعلى للقضاء؟!
وألم يضرب عُرض الحائط بحكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، وأراد أن يعيد المجلس المنحل بقرار منه؟!
ألم يصدر قرارًا جمهوريًّا بتحصين قراراته من أن ينظرها القضاء؟
ألم يعترض على أحكام القضاء الإدارى الخاصة بقانون الانتخابات؟
فمن أين يأتى مرسى بالعدالة؟
وأى عدالة يبحث عنها شيوخ القضاة ورؤساء الهيئات القضائية عند مرسى؟
يا أيها الشيوخ، شيوخ القضاة.. استمعوا إلى شباب القضاة والنيابة فهُم على حق.
وليس الحق عند مرسى وجماعته.