بعضنا ساذج وبعضنا يكذب على نفسه ويريد أن يصدق أن حبيب العادلى هو الذى فتح السجون مساء جمعة الغضب، حين هرب المساجين والمعتقلون ولا يزال نحو ثلاثة آلاف منهم هاربين حتى الآن.
لم تعد أمامك أى فرصة لتصديق أكذوبة أن العادلى هو الذى فتحها إلا لو كنت مجنونا فعلا.
قطعًا العادلى مسؤول تماما، فقد واجه المظاهرات واعتدى عليها، بينما فشل فى حماية سجونه ومقرات شرطته وتم اختراقها واقتحامها وتهريب مساجينها، فى الوقت الذى كانت فيه داخلية العادلى عاجزة ومشلولة ومشغولة.
ها هى الحقائق والشهادات، وما كنا ننكره دامغًا يصفع الجميع بالحقيقة، أن مؤامرة كبرى شارك فيها الإخوان المسلمون مع منظمات غير مصرية قد جرت فى جمعة الغضب من أجل تهريب المساجين وبَثّ الذعر فى البلد وتفكيك قوة وزارة الداخلية.
لقد سألت ثلاثة وزراء داخلية بعد الثورة عن حقيقة ما جرى، والثلاثة دون استثناء كانوا يخافون من إعلان الحقيقة، والمجلس العسكرى كان مرعوبا من التحقيق فى المسألة، رغم أنهم كانوا متأكدين من أن الإخوان هم الذين فعلوها، وكان بعضهم الذى خرج من الخدمة الآن يقسم أيامها فى جلسات مغلقة أن الإخوان وراء ما جرى من اقتحام السجون وحرق مقرات أقسام البوليس، ومعهم «حماس» و«حزب الله».
كانت، وربما لا تزال أعتى الأجهزة الأمنية فى الدولة مرعوبة من الإخوان، وتخشى فتح هذا الملف، لكن مستشارا شجاعا ومستقلا ونبيلا قرر أن يتحرى ويتقصى بنفسه هذا الملف الأخطر من خلال قضية معروضة أمامه.
لقد ساق الله لمصر وللحقيقة المستشار خالد محجوب رئيس محكمة مستأنف الإسماعيلية، لكى يزلزل عقولنا بحقيقة ما فعله الإخوان، هذه الجماعة التى تريد الإطاحة بالقضاء وتحويله إلى مطيّة لها ومركوب تحت إلْيَتها عقابًا لقضاة مصر الأحرار، فالجماعة تريدهم قضاةً من أجل مرسى، قضاةً بأوامر المرشد، قضاةً يتسترون على خيانة الإخوان للثورة، ومين عارف ربما لما هو أبعد من ذلك، كما تتجه حقائق القضية المنظورة أمام المحكمة.
يبقى أن نسأل فعلًا: أليس هروب محمد مرسى من السجن جريمة حتى لو كان سجينا بريئا، فإنه حال هروبه يصبح مذنبا متهما بجُرم الهروب؟
فهل حاكَمَ أحدٌ محمد مرسى وقيادات الإخوان على جريمة هروبهم؟ أم أن المجلس العسكرى وهيئات العدالة والحكومات المتعاقبة كانت مرعوبة من الإخوان ومتواطئة مع الجماعة، فاعتبروا هذا الهروب بطولة وثورية، خصوصا أن عمر سليمان نفسه، رجل مبارك القوى، استسلم للإخوان الهاربين وتغاضى عن عمليات اقتحام السجون وجلس مع الهاربَين محمد مرسى وسعد الكتاتنى فى مفاوضات لفَضّ الثورة (ويبدو فعلا الآن أنهم فضّوها)؟ ولو فرضنا أن طنطاوى أو غيره منح مرسى بعد الثورة عفوًا، فالعفو فى الحقيقة يكون عن عقوبة وليس عن جريمة، ومن ثم لا مجال للعفو إلا بعد محاكمة مرسى، وهى التى لم تتم.
ثم يبقى السؤال الأهم عن حقيقة أسباب ومبررات القبض على محمد مرسى يومها، فهناك من يتكلم عن اتهام مرسى بجريمة تمسّ الأمن القومى، استدعت القبض عليه، تمهيدا لمحاكمته ولم يكن مجرد اعتقال سياسى، ولكن الصمت والتواطؤ أدَّيَا إلى ما نعيشه من إخفاء وتعمية واستهبال البلد.
إن الخصومة مع نظام ومعارضة رئيس لا يمكن أن تسمح لجماعة أن تتعاون مع أنظمة خارجية أو منظمات أجنبية لإسقاط النظام.
إن ثورة يناير الوطنية كانت يومها فى ميدان التحرير، أما الإخوان فإنْ ثبت تحالفهم مع منظمات وجهات خارجية وأطراف أجنبية للعب بأصابعهم فى مصر فالخيانة، ولا شىء غيرها، هى تُهمتُهم!