قبل مدّ مواسير المياه إلى المنازل كان الناس فى مصر يحصلون على الماء عن طريق «السقا» مقابل أجر يعطى له حسب عدد قرب المياه التى يجلبها للمنزل، ولم يكن يسمح لأى شخص بأن ينضم إلى طائفة السقائين، بل كان هناك شروط صارمة للإنضمام للمهنة إن لابد أن يتمتع بجسد قوى قادر على مشقة حمل المياه مرات عديدة، وان يكون خالياً من الأمراض حتى لا يلوث المياه التى ينقلها، ويشترط أن يكون أميناً لأنه الشخص الوحيد الذى يسمح له بالدخول عندما يكون رب البيت غائباً.
يجلب السقاءون المياه من أماكن معينة فى نهر النيل حتى يكون الماء صافياً خالياً من الشوائب والتلوث، كما يأتون بالماء من الآبار الجوفية المضمونة، وكان المحتسب يمارس دوره فى الاطمئنان على نظافة المياه التى ينقلها السقاءون، وكان السقا يحتفظ بالماء فى قربة كبيرة من جلد الماعز يغلقها بسدادة خشبية ويعطرها بالمستكة ثم يضع فيها بعضاً من ماء الورد وأحياناً يضيف إليها النعناع.
لم يقتصر السقاءون على مد المنازل بالمياه وإنما كانوا ملزمين أيضاً بإطفاء الحرائق، ظل السقا يؤدى دوره ويكتسب رزقه ولم يدر فى ذهن واحد منهم أن يأتى يوم يجدون فيه أنفسهم قد فقدوا وظيفتهم التى لا يعرفون غيرها.
حتى جاءتهم مصيبتهم في اليوم الذى امتدت فيه المواسيرإلى المنازل وبدلاً من السقاء أدار الناس مقبض قطعة معدنية يتدفق منها الماء.
لم يستسلم السقاءون لهذه المواسير والصنابير التى جاءت لتزلزل عرشهم الذى ظلوا يعتلونه أزمنة طويلة، بل تجمعوا و تباحثوا وتوصلوا إلى فكرة ذكية وخبيثة، وتوجهوا إلى أئمة المذاهب الأربعة لاستصدار فتوى بأن ماء مواسير المياه لايصلح للوضوء حيث كانت المياة المسموح بها للوضوء في الإسلام ماء المطر وماء البحر وماء النهر وماء الآبار والعيون، فصدقهم أئمة الشافعية والمالكية والحنابلة وأفتوا بأنه لايجوز الوضوء من ماء الصنابير، أما أئمة المذهب الحنفي فقد توجهوا وجهة مخالفة وأفتوا بأن الوضوء من ماء الصنبور مقبول بل ومستحب.
ومن هنا سمى المصريون الصنبور «الحنفية» نسبة إلى أئمة المذهب الحنفي الذين خالفوا أئمة المذاهب الأخرى وأجازوا لأهل مصر الوضوء بماء الصنبور.
كان أئمة وشيوخ الإسلام السياسي منذ حكم الملك فؤاد الأول وقت ظهورهم حتى حكم مبارك يلقبون مصر بالدولة الكافرة وحاكامها وحكوماتها كفرة لأنهم يطعمون الشعب من حرام، حيث الحكومة ترعى الملاهي الليلية والبارات بل أنشأت شركة لتصنيع الخمور فضلاً عن إستيرادها وهي متوفرة في كل الفنادق المملوكة للدولة وفي جميع الأسواق الحرة وكل ريعها يدخل في الموازنة العامة للدولة، والحكومة أيضاً تُقرض الناس وتقترض منهم وأيضا من الخارج وهذا ما قالوا عنه أنه «ربا»، كما كانت الحكومة ترعى البغايا وقد تم أول تسجيل للبغايا في مصر في القرن السابع حيث جرى التسجيل في مقر الصوباشي أو رئيس الشرطة، وقد ابقى محمد علي على ضريبة البغاء ثم في عام ١٨٣٧ ثم بدأ البغاء في الخضوع للتسجيل والتنظيم منذ تطبيق اللائحة التي سميت بتعليمات بيوت الدعارة والتي استمر العمل بها حتى ألغيت عام ١٩٤٩ في عهد الملك فاروق.
حتى وصل هؤلاء الشيوخ إلى الحكم واستبشر الناس خيراً في دخول مصر الكافرة الإسلام حتى فاجأ مرسي وحكومته الجميع واستمر في سياسات الدولة التي أطلق عليها هؤلاء أنها كافرة، بل وأنه إستغلها أبشع إستغلال، حيث ازدادت ريع الدولة من الخمور بزيادة الضرائب المفروضة عليها، وزيادة ريع الدولة من الملاهي الليلية والبارات بفضل زيادة مدة التراخيص وبالتالي زيادة قيمة الرخصة، وازداد معدل الربا بفضل زيادة القروض التي تصر الدولة عليها من الصالح والطالح، ولو كانت إستمر قانون تجارة البغايا حتى إنتهاء حكم مبارك - لظللت مقننة مع مرسي.
ومن هنا سمى المصريون تجار الدين «مُرسية»، حيث عندما يحكم مرسي، يكون الهدف من زيادة الضرائب هي جعل السَكارى يكفون عن سكرهم، ومد تراخيص الملاهي الليلية والبارات يقلل تجارة الخدرات، وتسمية الفائدة مصاريف إدارية يطهرها من الربا!.
هنا نجد الفرق بين الحنفية و المُرسية، الحنفية سهلت على الناس الطهارة أما المُرسية فأباحت إلى الناس ال..... ! - ضع كلمة فوق النقاط.