أزاحت جماعة الإخوان ورقة التوت التى يتستر بها المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة، ونزعت قناع البطولة الذى يخفى خلفه علاقاته المريبة مع جهاز مباحث أمن الدولة السابق، والمدهش أن الجماعة لم تبذل جهدا، ولم تورطه فى فخ، على العكس تماما المستشار الزند هو الذى قدم بنفسه دليل إدانته، وفى مؤتمر صحفى عالمى نظمه ردا على جمعة تطهير القضاء، إذ احتفى احتفاء خاصا بعميد سابق فى مباحث أمن الدولة، على الرغم من أن هذا الضابط الكبير جاء إلى المؤتمر متخفيا فى جلباب بلدى، كما لو أنه فلاح ابن فلاح، وكان هذا الضابط، واسمه محمد برغش، مسؤولا عن قطاع القضاء بالجهاز، و«هندس» عملية إسقاط قائمة تيار الاستقلال بقيادة المستشار هشام جنينة فى الانتخابات التى خاضها المستشار أحمد الزند كمرشح للتيار الموالى لنظام مبارك داخل نادى القضاة.
وقال الباحث والمحلل السياسى إبراهيم الدراوى إن برغش هذا هو الذى رشح الزند على رأس القائمة الحكومية فى انتخابات النادى، ومارس ضغوطا شديدة على المستشار محمد المنسى أبو حليمة للانسحاب من السباق وإفساح المجال للزند للفوز، وأن هؤلاء وأمثالهم هم من يدعمون الزند فى مواجهة نظام الدكتور محمد مرسى!!
قطعا هذه فضيحة ما بعدها فضيحة، خصوصا وقد نُشرت فى مواقع إلكترونية بشكل مميز للغاية تحت عنوان بارز يقلع عين كل من يقاوح «(المصريون) تكشف سر احتفاء الزند بعميد أمن الدولة السابق»!
ولو كنت مكان المستشار أحمد الزند لتمنيت أن تُشقّ الأرض وتبتلعنى، ربما ينساه الناس.
لكن المستشار أحمد الزند لن يفعل ذلك، ولن يتوارى خجلا ولن يكف عن معارضة الإخوان، ليس لأنه عنيد ولا يعرف فى الحق لومة لائم، ولكن لأن الحكاية برمتها من الألف إلى الياء ملفقة، ومجرد موجة من طوفان الأكاذيب التى أغرقوا فيها مصر والمصريين حتى لا يميزوا الخيط الأبيض من الخيط الأسود!
ومن سوء حظ الجماعة وباحثها أننى أعرف محمد عبد المجيد سالم برغش الشهبر بـ«محمد برغش» معرفة شخصية، من سبع سنوات أو أزيد قليلا، وكان مدافعا عظيما عن فلاحى مصر، ناقدا قاسيا لسياسات الحزب الوطنى الزراعية وما كان يصنعه بالفلاحين من مظالم وغبن، ومحمد برغش الذى حضر المؤتمر الصحفى العالمى للمستشار أحمد الزند لم يدخل كلية الشرطة مطلقا، ربما مر عليها وهو فى طريقه إلى جامعة عين شمس طالبا فى كلية التجارة، وتخرج فيها فى عام ١٩٧١، ثم عمل فى المؤسسة المصرية العامة للقطن، قبل هجرة طويلة إلى الكويت دامت ٢٦ عاما، وعاد منها ليستصلح أرضا صحراوية ويرأس جمعية زراعية فى قرية بدر التابعة لمحافظة البحيرة.
المدهش أن محمد برغش لا يعرف المستشار أحمد الزند معرفة شخصية، وحضر المؤتمر بصفته وكيل مؤسسى حزب مصر الخضراء (حزب الفلاحين والمهمشين)، وسبق له أن كان عضوا فى المجلس الاستشارى الذى شكله المجلس العسكرى بعد الثورة.
إذن كيف يمكن صناعة حكاية كاذبة وإذاعتها على الرأى العام بكل هذه الجرأة؟!
قد نفهم أنهم يحاولون الطعن فى المستشار أحمد الزند، ونعرف أنهم فى هذه الألعاب الشيطانية يمضون إلى آخر الشوط، وقد مارسوها قديما وحديثا، والدلائل متوفرة وعلى «قفا من يشيل»!
أما الفلاح الفصيح محمد برغش فما هى حكايته معهم؟!
هى عملية ضرب عصفورين بحجر واحد، تشويه الزند، والضغط على محمد برغش لعله يتراجع عن ترشيح نفسه فى انتخابات مجلس النواب القادمة عن دائرة كوم حمادة، ويتركها لـ«ضابط سابق فى مباحث أمن الدولة» يعمل الآن أستاذا جامعيا وكان من سدنة الدستور الجديد، وهو واحد من الخلايا النائمة الحامية للجماعة.. طريقة قضاة من أجل مصر.
وفى النهاية نلوم المسشار أحمد الزند على كلماته الموجهة إلى الرئيس الأمريكى باراك أوباما خلال المؤتمر الصحفى، فهذه سقطة كبيرة، لأن ما يدور فى مصر من صراعات عنيفة لا يجوز أن يتدخل فيه أجنبى مهما كان، والمصريون أولى بحله مهما كان الثمن باهظا، وإذا لم يدفعوه فهم لا يستحقون الحرية ولا الدولة الديمقراطية الحديثة ولا الخروج من شرنقة التخلف، والأمريكان لا يعنيهم من مصر إلا صيانة مصالحهم الاستراتيجية، وعلى رأسها أمن إسرائيل وتفوقها على العرب أجمعين، وقد جربوا الإخوان ونجحوا -باتفاق مكتوب وبتعهد مصرى- فى وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل من قطاع غزة الواقع تحت سيطرة حماس (الفرع الفلسطينى للإخوان)، وهو أمر فشل فيه حسنى مبارك طوال ٣٠ سنة من حكمه!
وأهمس فى أذن الزند وكل المصريين بأن معركة مصر داخل مصر، فاستعدوا لها!!