«ينحت فى حرش» تعبير منوفى دارج يعنى لا فائدة من أكل الحرش، والحرش نوع من الشمام لا يسمن ولا يغنى من جوع، ولا يروى من ظمأ، لا فائدة من نحت حرش جماعة المقطم، ولا حتى جماعة الاتحادية، والكلام هنا موجّه للبابا تواضروس الثانى، بابا الكنيسة الأرثوذكسية.
لو قامت القيامة لن يعتب مرشد الإخوان الكاتدرائية، ولن يغبّر قدميه لتهنئة إخوة الوطن، لهم ما لنا وعليهم ما علينا إلا التهنئة بالأعياد، آخرها سيوفد الدكتور عبدالرحمن البر، عضو مكتب الإرشاد، الرجل مولف على زيارة الكاتدرائية، وسبق أن حضر تنصيب البابا بزيه الأزهرى المعتبر.
أما عن رئيس كل المصريين فحدّث ولا حرج، إن فعلها مرسى قامت قيامته، آخرها يوفد محافظ القاهرة نيابة عن سعادته، ولو هناك فى الكنيسة من ينتظر تشريف الرئيس فليرجع إلى ما قاله الأستاذ هيكل رداً على سؤال لميس الحديدى: لماذا لم يذهب الرئيس إلى الكنيسة لتهنئة البابا تواضروس الثانى بتنصيبه؟ قال هيكل: مستشار للرئيس قال «يا نهار أسود» عندما اقترحت زيارة مرسى للكنيسة، ويضيف هيكل: قد يكون عدم زيارة مرسى للكنيسة يرجع لشىء فى نفسه!!
وفق هذا المنظور الهيكلى تبدو الكنيسة وكأنها تنحت فى حرش بتوجيه دعوات غير مستجابة سلفاً، وكفى المسيحيين مؤنة انتظار من لا يأتى، كما أن «الفيس بوك» متخم برفض شبابى مسيحى أن توجه الكنيسة أى دعوات لمن يناصبون المسيحيين العداء (حسب ما يرونه جلياً)، وعادت صور ضحايا «الخصوص» تتصدر الصفحات والمواقع والمدونات القبطية، فى تذكير مؤلم بما جرى للأقباط فى أسبوع الآلام، آلام الأقباط صارت عرضاً مستمراً.
هل ننتظر من رئيس كل المصريين حضوراً وطنياً، لا أظن، ولا أعتقد، ولو حدث يبقى جرى لمرسى حاجة حلوة خالص، يبقى فيها حاجة حلوة، يقيناً الرئيس لا يجيد صناعة الحلوى، يفضل الطرشى المخلل، مصر بقت خل مع مرسى، وأعتقد أن هيكل أجاب بوضوح، وأزيد الأستاذ من الشعر بيتاً، عدم زيارة مرسى للكاتدرائية يرجع إلى شىء أخطر فى نفس جماعته ومرشده، لا الجماعة ولا الرئاسة مستعدة لمخالفة فتوى «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح»، التى أصدرت بياناً فى عيد الميلاد الماضى، وبعد وصول مرسى إلى الحكم جاء فيه: «الأصل فى الأعياد الدينية أنهـا من خصوصيات كل ملّةٍ ونحلةٍ، فكل أهل ديانة شرعت لهم أعياد وأيام لم تشرع لغيرهم، فلا تحل المشاركة ولا التهنئة فى هذه المناسبات الدينية، التى هى من أخص ما تتمايز به الشرائع باتفاق».
مرسى وجماعته لا يقدرون على مخالفة رمزية ورموز الهيئة، وما تمثله من ثقل سياسى ودينى وانتخابى، الانتخابات البرلمانية على الأبواب، والمهم شراء خاطر الأحباب، الهيئة الموقرة تضم أسماء ثقيلة فى الميزان، فى حسابات جماعة المقطم الانتخابية، كوكتيل من التيارات السلفية، والإخوان المسلمين، والجماعة الإسلامية، أبرزهم: الداعية محمد حسان، وخيرت الشاطر، نائب المرشد العام للإخوان، ومحمد عبدالمقصود، النائب الثانى لرئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وحازم صلاح أبوإسماعيل، وياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، ومحمد حسين يعقوب، وخالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية.. هؤلاء لا يخالفهم مرسى أبداً، بل يخافهم ويعمل لهم ألف حساب، وحسابه عسير لو خالف إجماعهم، كفاية على الأقباط عبدالبر أو يشربوا من البحر.