منذ ظهر الإخوان والتيار الإسلامى فى الحكم بعد ثورة 25 يناير -إن كانت ثورة فعلًا- تحولت اللجان الإلكترونية «الإخوانية الشاطرية» إلى بث ونشر كلام مجتزأ من السياق قاله أو كتبه إبراهيم عيسى عن الشعراوى.
ويبدأ بعدها الأتباع بالانتقاد والشتائم والتكفير، وغيرها من تهم حراس الإسلام الجدد فى مصر.. لذا قررنا فى «التحرير» العودة إلى ما كتبه إبراهيم عيسى من عشرين عامًا عن الشيخ الشعراوى لكى نراجع ما كتبه وتراجعوه أنتم أيضا لنكتشف معا حقيقة كلام اللجان الإخوانية.
الشيخ.. مستشهِدًا بدورات المياه
الشعراوى قرر أن يفتى أولا فى مشكلة البطالة.. نقول يفتى لا يدلى برأى.. فالناس تتعامل مع كلامه على أنه دين ومع رؤاه وأفكاره على أنها تمثّل الإسلام (وفى رأيى أنها تمثّل به أحيانا) يقول الشعراوى هنا:
- البطالة تنشأ من أن أناسا يطلبون عملا بذاته، أما الذى يطلب عملا ليعيش فلن تضنّ حركة الحياة عليه بعمل (ثم ضرب بيديه الوسادة التى أمامه)، إنما أنتم تطلبون عملا مخصوصا وتريدون الجلوس على المكاتب، والدولة ليست مسؤولة عن البطالة.. البطالة فى النفس.. والذى يريد أن يعيش عليه أن ينسى أنه صاحب مؤهل، ما دام أنه أخطأ وذهب للمؤهل العالى ذى العمل القليل.
والحقيقة أننا نسمع هذا الكلام كثيرًا (وخصوصا من سائقى التاكسى) لكنه كلام يحمل خطورته عندما يخرج من شيخ بهذه المصداقية عند الناس خصوصا، وهو يوضح كلامه أكثر فيرى أن هناك فرقا بين أن تحمل مؤهلا يثقفك ويعطيك علما، وأن تعمل لتعيش.
ويا سيدى الشيخ.. ما معنى أن يتعلم شاب أربع سنوات كمبيوتر ثم يعمل فى بيع النحاس؟ ما معنى أن تعلِّم الدولة أبناءها سنين طويلة كى يحصِّلوا العلم ثم يفيدوا وطنهم ويدفعوا فى سبيل تقدمه بما استفادوا منه وتعلموا ثم تطلب منهم سيادتكم أن يترك المؤهل العالى لأنه أخطأ اختياره من الأول.. وأن يعمل للرزق؟
إن طلب العلم فريضة، والعمل به فريضة أيضا، وإن هذه الدعوة التى ترفعونها إنما تدفع الأمة إلى هلاك محيط.
من صالح هذا الوطن أن نبحث عن أسباب البطالة لا أن نطلب من الشباب أن يرحل عن العلم ويهجره، ومن حق الشباب أن يصبحوا أساتذة وعلماء ومهندسين وأطباء ومفكرين لا أن يقفوا فى محل لبيع الملابس الداخلية.. وبالمناسبة يا سيدى الشيخ، إنك تظلم الشباب مثل غيرك حينما تتهمهم بالسعى إلى مكتب، أولا لأن المكتب شىء عظيم، خصوصا لو كان عليه كمبيوتر (وأظنك تعرف الكمبيوتر).. ثانيا لأن هناك آلافًا من الشباب يعملون الآن بغير مؤهلاتهم فعلا سعيا للرزق، ويمكن أن تسأل وأنت تدخل بسيارتك الشبح الجديدة محطة بنزين، تسأل الشاب الذى يموِّن سيارتك: إنت مؤهلك إيه؟ وفقد تفاجأ أنه مهندس (...) (نفتح قوسا ونقول: كم سباكا ونقاشا ارتكب جريمة قتل تطرُّف دينى فى الفترة الأخيرة؟ كم؟!).
وسنترك البطالة، فلا أنا ولا الشيخ الشعراوى خبيران فى الاقتصاد، ولنلتفت إلى ما قاله الشيخ عن الاختلاط فى الجامعة، فهو يعطى لملايين الأسر المصرية إحساسا بأنهم لا يرسلون أبناءهم وبناتهم إلى جامعات، لكن إلى حرام، وأنهم يدفعون بأبنائهم إلى تهلكة، وأن ما يحدث فى الجامعة حرام فى حرام، وأريد أن أسأل أى أم أو أب ما إحساسه عندما يقول له الشعراوى إن وجود الطلبة مع الطالبات من الأول حرام.. ويقول فى حواره:
- لأ، ما تقولِّيش اختلاط وبعدين تسأل عن حدود العلاقة، لأن وجودهم مع بعض من الأول حرام.
وعندما يحاول المحرر الشاب محمد شعير -وهو طالب يرى زميلاته يوميا فى الجامعة ويناقشهن ويزاملهن- يحاول أن يحصل على إجابية واحدة للاختلاط ترحمه من التفكير فى أن يذهب كل يوم صباحا إلى الحرام ويفطر ويشرب الشاى ويجلس فى المدرج وهو يرتكب هذا الحرام.. يرد الشعراوى:
- إيجابيات إيه؟ الاختلاط كله سلبيات واسألوا المشرفين على نظافة دورات المياه فى الجامعة، ولن أقول أكثر من ذلك!
أما نحن فسنقول أكثر من ذلك.
سنحاول من البداية أن نبلع استشهاد الشعراوى بدورات المياه (ولا أعرف كل هذه الثقة التى جاءته ليتحدث عن دورات المياه التى لم يرَها، وسمع عنها، أو... ربما رآها).
وأريد أن أنبه الشيخ الشعراوى أن دورات المياه لا تنفع دليلا على حرمانية الاختلاط لأن دورات مياه جامعة الأزهر، وهى التى لا تعرف الاختلاط، تحمل نفس المظاهر (…)، كما أن دورات مياه المدن الجامعية لا تقل فى التعليقات المكتوبة على الجدران أو خلف الأبواب عن دورات مياه الجامعة المختلطة، ثم -بالمناسبة- دورات المياه ليست مختلطة فى الجامعة.
نستكمل غدًا.