الغالبية بيننا لا تكاد تصدق أن الولايات المتحدة الأمريكية تحولت بهذه الدرجة إزاء الأوضاع فى سوريا، فبعد أن كانت واشنطن مترددة أمام فكرة التدخل العسكرى ضد نظام بشار الأسد، فإنها حسمت أمرها، وأصبحت الآن تتكلم عن حل الأمور سلمياً بين «الأسد» والمعارضة!.. وبعد أن كانت تتحدث عن استخدام رجال «بشار» الأسلحة الكيماوية ضد معارضيه، إذ بها تستبعد هذا تماماً، وتنفيه ولا تتكلم فيه!
ولكن.. لماذا حدث هذا التحول فى الموقف الأمريكى؟! هل هو عجز عن التدخل، وعن إثبات استخدام السلاح الكيماوى؟! أم أن المسألة لها علاقة وثيقة بأحوالنا نحن هنا فى مصر؟!
بالطبع فإن «أوباما»، لو أراد أن يتدخل عسكرياً هناك، فسوف يفعلها بسهولة، ولن تستطيع الدول المتحالفة مع «دمشق» من أول روسيا، مروراً بالصين، وانتهاء بإيران، أن تقف فى وجهه، أو تمنعه، ولو أرادت إدارته الحاكمة أن تثبت أن رجال «الأسد» استخدموا سلاحاً كيماوياً فسوف تستطيع بسهولة أيضاً، ولو تلفيقاً، كما حدث من قبل مع صدام حسين!
إذن.. ما السر فى هذا التحول إذا كانت الحكاية لا تتصل بالقدرة على التدخل من عدمها، وإنما تتعلق بإرادة من جانب إدارة حاكمة فى العاصمة الأمريكية، صارت ترى أن عدم التدخل العسكرى هو الأفضل، وأن الحل السلمى، رغم صعوبته، هو الأسلم؟!
السر كما هو واضح أنهم اكتشفوا مع مرور الوقت أن إسقاط «بشار» سوف يؤدى إلى تكرار التجربة المصرية فى بلده، وهو أمر عند تخيله، أصبح يثير ذعر العالم، فى ظل تجربة إخوانية للحكم فى القاهرة، تتخبط فى كل اتجاه، وتنتقل من فشل لفشل أكبر، ويسوء حال البلاد معها يوماً بعد يوم، لا لشىء، إلا لأن المتحكمين فى هذا الحال، فى لحظتنا هذه، إنما هم مجموعة من الهواة العجزة الذين لا خبرة عندهم فى شىء، ولا دراية، ولا فكرة، ولا يحزنون!
الأمريكان فيما يبدو يتطلعون إلى القاهرة فى كل صباح، فيصابون بالفزع من هول ما يتابعون من عجز «مرسى» وجماعته عن حل أى مشكلة، أو اقتحام أى ملف، أو حتى التخفيف من وطأة أى أزمة على قلوب الناس.. بل العكس هو الحاصل، فالأزمات تزداد حدتها، والمشاكل يتضاعف حجمها، والملفات الضاغطة فى حياة كل مواطن تتراكم، وتكبر وتتضخم دون وجود أى بادرة نحو أى حل من أى نوع.. فالعجز المطلق هو سيد الموقف!
يتطلع الأمريكان إلى وضع مأساوى من هذه النوعية فى مصر، فيصيبهم الأرق فى اليقظة والمنام، خشية أن يتكرر فى دمشق، إذا سقط الأسد، ولذلك، فإنهم تحولوا وصاروا يفضلون أى حل إلا أن يكون الحل بإزاحة «بشار» والمجىء بنظام كارثى من صنف نظام «مرسى» فى القاهرة!
مصر التى كانت دول المنطقة تقلدها أصبح العالم، بفضل الإخوان، يبذل كل ما فى وسعه فى سبيل ألا يقلدها أو يمشى على دربها أى أحد!