حزنت أشد الحزن لتورط شابين مسلمين من الشيشان فى تفجيرات بوسطن.. وكم كنت أتمنى أن يبتعد اسم الإسلام والمسلمين عن التفجيرات العشوائية ضد المدنيين.. وأن نطوى إلى الأبد صفحة كئيبة سطرها بعض الذين قاموا بتفجيرات عشوائية قتلت المدنيين فى الغرب والشرق.
إن التفجيرات العشوائية التى تحصد أرواح المدنيين لن تقيم ديناً ولن تنصر شريعة ولن ترفع ظلماً.. ولن تصنع تعاطفاً مع الإسلام أو حباً له.. ولكنها ستصنع كراهية لهذا الدين العظيم الرحيم الذى ظلمه بعض خصومه وأتباعه على السواء.
ويؤسفنى أن البعض يصر على أن يقدم الإسلام للآخر فى أسوأ صورة وأحط مثال غير مكترث بالآثار المدمرة لفعله.
واليوم أريد أن أجيب على سؤالين مهمين بإجابات كتبتها مراراً وإليكم الأسئلة والأجوبة:
هل المواطن مسؤول عن سياسة دولته؟.. وهل يجوز معاقبته بناءً على سياسة دولته؟
1- الإنسان مسؤول عن نفسه فقط فى الدنيا أمام القانون وفى الآخرة أمام الله.. وليس مسؤولاً عن والديه ولا أشقائه ولا زوجته أو أولاده.. فضلاً أن يكون مسؤولاً عن سياسة دولته وذلك واضح فى قوله تعالى: «أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى».
2- المواطن ليس مسؤولاً عن سياسة دولته لا فى الدول الديمقراطية ولا فى الديكتاتورية.. لا شرعاً ولا قانوناً ولا حتى أدبياً.
فالمواطن الأمريكى أو المصرى أو البريطانى أو الفرنسى أو الروسى ليس مسؤولاً عن سياسة دولته وتصرفاتها وأفعال جيوشها.
ففى الدول الديكتاتورية لا يملك المواطن من أمره شيئاً حيال سياسة حكامه.
أما فى الدول الديمقراطية فقد يفوز الرئيس بفارق 1% كما فاز جورج بوش الابن.. أى أن 49% من شعبه كانوا يعارضونه.. فضلاً عن وجود قرابة 60% من الشعب الأمريكى رفضوا تدخله العسكرى فى العراق.. فالمواطن العادى لا يصنع سياسة دولته ولا يشارك فيها.. فضلاً عن أن يكون مسؤولاً عنها أو أن يقتل وتمزق أشلاؤه من أجلها.
3- لم يعرف الفقه الإسلامى ولا الشريعة الغراء مصطلح القتل بالجنسية حتى ابتدعه أحد قادة تنظيم القاعدة عندما أفتى بقتل كل أمريكى ويهودى فى سابقة فقهية لم يعرفها الإسلام نفسه من قبل.
فليست هناك أمة على وجه الأرض من أى دين أو أى ملة على شاكلة أو نسق واحد من الخير والشر أو العدل والظلم.
وقد كان القرآن عظيماً حينما نص على هذه القاعدة فى قوله تعالى «ليسوا سواءً»، وهى قمة العدل القرآنى مع الآخر.
فهناك أمريكى يحب العرب أو ينصر قضية فلسطين.. وهناك أمريكى مسلم أو عربى أو كردى أو يابانى.. وهناك أمريكان من أجناس الدنيا كلها تتباين أفكارهم ومشاعرهم تجاه قضايا العرب والمسلمين.
4- لقد حارب المسلمون الروم والفرس والترك وغيرهم.. ولم يقولوا بقتل كل رومى أو فارسى أو...
5- ادعى البعض ممن لا فقه له ولا علم حقيقى بالشريعة الغراء أن دفع المواطن الأمريكى للضرائب يجعله شريكاً فى كل الآثام التى يرتكبها الجيش الأمريكى فى العراق وأفغانستان وغيرها.. إذ إن هذه الضرائب هى الممول الحقيقى للجيوش.. وهذا الكلام يصطدم مع إجماع فقهى فى كل عصور الفقه الإسلامى على حرمة قتل المدنيين.. فضلاً عن أن المسلمين حاربوا الروم والفرس ولم يقل أحد من الفقهاء وقتها بقتل كل رومى أو فارسى يدفع الضرائب.. مع العلم بأن الضرائب والمكوس «أى الجمارك» كانت معروفة فى كل الأمم قبل الإسلام وبعده.. فضلاً عن أن دفع الضرائب فى كل العالم لا يعد أمراً اختيارياً.
يا أحبتى.. لا تقابلوا الصلف والطغيان وازدواج المعايير الأمريكية بظلم وقتل الأبرياء من المدنيين بغير حق.. ولكن اصنعوا حضارة عظيمة تهزم حضارتهم.