على متن طائرة شركة «الاتحاد » للطيران على الرحلة « EY20 » القادمة من لندن وفي زيارته إلى أبو ظبي وصل « ديڤيد كاميرون » رئيس وزراء بريطانيا هو والوفد المرافق له المقدر بخمسين مسؤلاً حكومياً من بين وزراء ومسؤولي بنوك ودبلوماسيين بريطانيين، لم تكن هذه المرة الأولى في هذا العام التي يسافر فيها أهم رئيس وزراء في العالم والوفد المرافق له كمسافرين عاديين دون أي نوع من التمييز دون طائرة خاصة كما يحدث مع معظم رؤساء وزراء العالم، بل أزيدكم من الشعر بيتاً حيث أن الوفد بالكامل لم يركب في الدرجة الأولى أو حتى درجة رجال الأعمال ولكن في الدرجة السياحية في الكراسي الضيقة والخدمة العادية جداً والغير فارهة.
وبعد أتمام زيارته ومع رحلة العودة قرر المسؤولين الإماراتيين أن يجاملهوه مجاملة غير كبيرة، حيث قد قاموا بترقية تذاكر السفر التي من الدرجة السياحية إلى الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال مجاناً وهذا أمر عادي جداً عند معظم شركات الطيران مع الشخصيات العامة أو أصحاب السفر المتكرر على نفس الشركة كنوع من المكافئة، وفور وصول «ديڤد كاميرون » والوفد المرافق له إلى مطار أبو ظبي وفوجأ بهذا الأمر إنزعج بشدة لكنه فاجأ الجميع بالرفض وقال:
(إن بريطانيا تمر بأزمة اقتصادية ، تقتضي ربط الأحزمة شعباً وحكومة، ويجب أن تكون الحكومة هي القدوة في تخفيض النفقات .. كيف أكون قدوة إذا جلست على مقعد في الدرجة الأولى !؟!)
بريطانيا فرضت سياسة التقشف على كل مواطنيها شعباً وحكومة بسبب نقصان الناتج القومي بمعدل ٧ ٪ فقط وميزانيتها لهذا العام تقدر بتيرليوني دولار أي ألفي مليار دولار، ورغم هذا فرضت التقشف، ولم تخرج بريطانيا من ثورة عظيمة سوء إدارتها جعلها أكلت خلال عامين الأخضر واليابس حتى وصل الحال إلى أنها قاب قوسين أو أدنى من بيع مكون الذهب الذي لدى البنك المركزى والبالغ قيمته السوقية نحو أربعة مليارات دولار، بإجمالى خمسة وسبعون طنًا مع استمرار النزيف المستمر للاحتياطي، فضلاً عن القروض التي تسولت الحكومة لجلبها ومازالت تتسول لمن يساوى ومن لا يساوى لجلب المزيد وتقدر قيمة هذه القروض بأربعين مليار جنية، ولا تعاني بريطانيا من أزمات في كل المجالات الساسي والإجتماعي والإقتصادي وليس هناك أزمة في السلع الأساسية لمواطنيها، ولم يزيد معدل الفقر فيها خلال السنة الماضية ١٥ ٪ زيادة عن العام الذي سبقه كما هو الحال في مصر، ولم تضطر بريطانا لرفع الدعم عن السلع الأساسية وتخفض أجور مواطنيها لأن الموازنة بها عجز كبير ولا ينقطع التيار الكهربائي في بريطانيا عن مصانعها ومنازلها نصف اليوم لأن حصة السولار غير كافية، لا ترى في بريطانيا أوجه يكسوها الحزن والتضجر والغضب والحيرة، وبين كل عشر أفراد تجد شخص يبتسم ولكن أبتسامة مريضة ليس بها حيوية وإن نظرت فى أعينهم تجد الشاب الصغير يشبة الرجل الكهل عيناة بها الكثير من الهم والمرض والحزن والحيرة والخوف.
سلوك « ديڤيد كاميرون » هو دلالة واضحة على فكرة الإنتماء والولاء والشعور بالمسؤولية من الحكومة تجاه وطنهم، لهذا تجد المواطنين في بريطانيا ورغم حالة التقشف راضون تماماً لأن ما يسير عليهم يسير على الحكومة، فلم يجدوا البزخ في مصاريف الحكومة وفي المقابل رفع قيمة الضرائب على الموظفين والعمال من الطبقة الفقيرة، ولا يرون مواكب من عشرات السيارات تصطحب كل مسؤول صغيراً كان أم كبير ولا إستغلال لقصور الدولة بطريقة مفرطة ولا صلوات في الكنائس تكبد الدولة ملايين ولا سفريات بطائرات خاصة هنا وهناك من وزير ولا رئيس مروراً برئيس الوزراء .. هم يرون فقط حكومة تشعر بالمسؤولية.