ايجى ميديا

السبت , 28 ديسمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

عن بغال العراق ونساء عمورية.. أساطير مرسي في الحكم

-  

ارتكزت دعاية التيارات الإسلامية، تاريخيًا، في التسويق لفكرة «الدولة الإسلامية» على واقعتين محوريتين، جرى تقديمهما بوصفهما عنوان «الحكم الإسلامي» إذا ما تسلموا هم مقاليد السلطة.

الواقعة الأولى هي قول عمر بن الخطاب أثناء خلافته: «لو عثرت بغلة في العراق لسئل عنها عمر»، وهي جملة رمى بها أمير المؤمنين عمر- رضي الله عنه - إلى مسؤولية الخليفة/ الحاكم، والتي تمتد لكل بقعة من الإقليم الذي يحكمه، والتي تشمل كل روح حية تدب بقدمين على هذه البقعة، وليس البشر فحسب.

فضلا عن كون المقولة محملة بشجن ما، يعكس على نحو أو آخر طبيعة شخصية الخليفة القوي، الذي كان يتقصى العدالة في أرجاء دولة مترامية الأطراف، وسط شعوب مختلفة الطبائع، وكان الإسلام لم يزل وليدا لم يكمل قرنه الأول بعد.

والواقعة الثانية هي واقعة المرأة المسلمة التي صرخت «وامعتصماه» حين اعتدى عليها بعض الروم، فسيَّر الخليفة العباسي المعتصم بالله جيوشا جرارة، ليثأر للمرأة التي استجارت باسمه كخليفة للمسلمين، وليفتح عمورية أيضا!

وهي واقعة تسلط الضوء، بعدما تحسره عن وقائع كثيرة، على دولة الإسلام المعنية بكرامة وكبرياء مواطنيها (مسلميها، لنكن أكثر دقة!)، وتقول بالدليل القاطع إن جيش الأمة وقوة الأمة كلها فداء لكرامة ابن من أبنائها.. بل فداء لـ«امرأة» من نسائها.

تتكرر الواقعتان كثيرا في أدبيات التيارات الإسلامية والمروجين لدولة الخلافة أو دولة الإسلام، كقرينتين، لما سيكونه الحاكم المسلم، بطبيعة الحال وبمد الخط على استقامته.

فهو حبيس هواجس شجنة عن بغلة قد تتعثر في طريق لم يمهده هو (فما بالك برؤيته لحق المحكومين؟)، وهو على وشك تسيير الجنود والجيوش لأجل كرامة «سيدة» (فما بالك كيف ستكون سياسته الخارجية وكيف سيرد للمواطن كرامته داخل بلاده بعد طول امتهان؟).

وعلى هامش هذين الملمحين، جرى نسج الكثير من التصورات المتفائلة والحالمة حول بيت المال الذي يفيض بالخيرات جراء تقوى الخليفة - ومن ثم تقوى الرعية - وعن الأرض التي ستخرج خيراتها والسماء التي ستهطل بركاتها، وعن الدنيا التي ستدين ولاء لحكم الله.

وصيغ هذا كله في كتابات حالمة وتواقة، سوقت المشروع الإسلامي بين أبنائه كثيرا، وعمقت في النفوس شوقا إليه، إذ هو الخلاص الدنيوي من التردي الاقتصادي والتبعية السياسية والشتات الاجتماعي، وما سوى «الحكم الإسلامي»،ليس إلا الذل المقيم، والنموذج الغربي المشوه.

..ثم بغتة، ودون مقدمات - زمنية أو نفسية كافية - وجد الإسلاميون أنفسهم في الحكم دون أن يستوعب أحد ما جرى طوال نحو 17 شهرا من تنحية مبارك ووصول مرسي لسدة السلطة.

ولأول مرة تجد ديباجات «الحلم الإسلامي» نفسها على المحك ومحل اختبار..

فقد افتتح مرسي شهوره الأولى بكارثة مروعة، أودت بحياة عشرات الأطفال في حادث قطار أسيوط المؤلم، وبدا رد فعل الرجل ونظامه ككل باردا ومبعثرا وغير متزن، إذا ما قورن بفداحة الكارثة..وظهر مرسي في خطاب تليفزيوني موجها العزاء لأسر الأطفال، وهو جالس مكانه، تطفح ملامحه بلادة، دون أي إجراءات حاسمة وحقيقية.

وهنا بدا مرسي في عجزه عن التصرف بعد كارثة أسيوط، قطيع الصلة بنموذج وفلسفة عمر- رضي الله عنه - في همه ببغال العراق ..وبدا البون شاسعا بين رجل، مؤهل بتكوينه الذاتي وبشخصيته القوية وبقدرته على التخطيط على قيادة دولة مترامية الأطراف، وبين شخص آلت به مجموعة من الصدف ـ الكوميدية - إلى كرسي الحكم.

ومع سياسات مرسي الخارجية «صديقكم الوفي»..«مفاوضات صندوق النقد»..«خطابه في قمة الدوحة»..«زيارة روسيا الكارثية»..«قضية الجيزاوي».. بدا المعتصم عاجزا وبدت عمورية منيعة عصية على الفتح، وبدت كرامة المرأة التي نادت باسمه، من الأمور التي إذا تحدثنا عنها فنحن نشتت الضوء عن إنجازاته ونتجاهلها عن سوء طوية وقبيح نية!

كان المهووسون بحلم «الحكم الإسلامي» يكتبون على الجدران العامة «ما لم تتحجب النساء..يعم الغلاء»، وهي نظرية غيبية، ترى أن حجاب «فاتن» وحشمة «نسرين» أهم من ميزان المدفوعات، وتذهب إلى أن الاقتصاد رهين التقوى، وأن مصير الشعب حبيس علاقته بالله عز وجل.

ومع زحزحة الأدبيات البلاغية عن الحكم الإسلامي قليلا عن مواضعها، ومع مضي مرسي في الحكم قدما، بدت الدولة بمتطلباتها وتعقيداتها الداخلية والخارجية أمرًا أبعد بكثير من مجرد البشارات التي طال ترديدها منذ انهيار الخلافة العثمانية حول «دولة الإسلام».

عمد مرسي في خطاباته، التي تخللت أشهره الأولى في الحكم، إلى تصدير جمل بلاغية (ليست هي الأكثر حالمية، ولا الأعمق عاطفية) حول شخصه وسياسته، تنتمي للغة المشروع الإسلامي الكبير..«الحرية»..«الكرامة»..«العدل»..«الفقراء»..

حتى إن وزير العدل أحمد مكي قال إن مرسي طلب منه حين عينه «أن ينشر العدل في ربوع البلاد»! وهو توجيه يليق بحاكم في العصر العباسي لقاضي القضاة، ويصعب تصديق أن مرسي يظن أن تحقيق «العدالة» إجرائيًا منوط بأحمد مكي أو بشخص وزير العدل!

ابتلعت التعقيدات الدكتور مرسي رويدا رويدا، ليتحدث عن مطاردة مهربي السولار، وعن تخصيص أسواق للباعة الجائلين، وعن استصدار قوانين جديدة، وبدا أكثر ميلا للهروب من واقعه المعقد، بتكريم لاعبي كرة القدم والاهتمام ببعض القضايا الرياضية.

وتكشفت الحقائق مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، وبدت خطاباته البلاغية بعيدة الصلة مقطوعتها، عن الأمر الواقع.

بدأ مرسي حكمه، ربما ظانا أن الجمل البلاغية لها مفعول السحر الذاتي وستعمل من تلقاء نفسها، وانتهى به الحال موروطًا في سياسات وصدامات داخلية، ورأي عام عالمي يتعامل معه باستخفاف واستهانة، كديكتاتور ناشئ.. يسوقه حظه العثر لأن ينضم إلى صفوف الديكتاتوريين الكوميديانات، لا الطغاة الأشاوس!

تخفف وتحلل الإخوان، في العقدين الماضيين على نحو من الأنحاء، من فكرة الحلم الإسلامي الجامع المانع ومن عقيدة «دولة الإسلام الكبرى»، وتصرف الإخوان في كل قطر من الأقطار وفقا لما تمليه عليهم الظروف والتحالفات والمصالح.

إلا أن البقايا البلاغية للخطاب القديم الذي تبناه الآباء الأوائل في الإخوان، وعلى خطاهم رؤوس التيارات والتنظيمات الإسلامية الأخرى، لم تزل هي المحرك الأساسي في هذا الخطاب وهذا التصور للحكم.

لا تهدف السطور السابقة لإنكار صلة السماء بمصير الشعوب، ولا لإثباتها..ولا تهدف إلى تجريح الحكم الإسلامي ولا امتداحه..هي فقط محاولة لوضع التجربة، وهي مازالت تحبو وتتعثر في خطواتها الأولى، أمام روايتها التاريخية وواقعها البائس.

هي فقط محاولة لرد التصورات لجذورها الأولى..وسعيٌ لمد الخطوط على استقامتها، أو تقصي عوجها!

التعليقات