الحمد لله الذى لا يحمد على مكروه سواه، النائب العام المستشار طلعت عبدالله أمر بإلغاء قرار وكيل النائب العام بمركز مطاى (المنيا) بجلد مواطن تم ضبطه فى حالة سكر 80 جلدة، وإحالته للتفتيش القضائى للتحقيق معه.
وكيل النائب العام أصدر قراره فى القضية رقم 1446 لسنة 2013 مطاى بعد أن اعترف المتهم أمامه بأنه كان فى حالة سكر، وصاح بصوت عالٍ أمامه «أيوه كنت سكران فيها حاجة؟!».
ونص القرار: «يكلف أحد السادة الضباط بتوقيع عقوبة حد شرب الخمر على المتهم، وهو ثمانون جلدة وفقا لما جاء بنص الآية رقم 90 و91 من سورة (المائدة)، وفى حالة عدم تنفيذ ذلك يخضع المأمور المكلف بذلك للعقوبة بنص الآيات 44 و45 و47 من سورة (المائدة) فى كتاب الله عز وجل».
نص الآية رقم 90 و91 من سورة «المائدة»: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، ومعلوم إسلاميا أن الإمام على ـ كرم الله وجهه- قال: «إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعلى المفترى ثمانون جلدة».
وللسكر البيّن عقوبته الموضحة فى القانون 63 لسنة 1976، الذى جرم كل من يضبط فى مكان عام أو فى محل عام فى حالة سكر بيّن، وجعل عقوبة ذلك الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر والغرامة أو إحدى العقوبتين.
لم أستغربها من وكيل النائب العام، وكيف أستغربها وإخوانه يزعقون على المنابر المسجدية والفضائية بتطبيق حد الحرابة على المخالفين، وهناك من يطبقها بيديه العاريتين من القانون مفتئتاً (مؤذن يطبق حد الحرابة على شقيين فى الجيزة)، وفى الشرقية حدث ولا حرج حتى التمثيل بالجثث، وهناك من يطالب بتطبيقها على المعارضين جهرة (تنظيم الجهاد)، وخطيب مسجد «القدس» فى التجمع الخامس ينادى بها فى خطبة جمعة أمام الرئيس، وسبق أن تقدم عضو بحزب «النور» إلى مجلس الشورى بمشروع قانون «الحرابة» على المدمنين؟! إذن ماذا تنتظرون من وكيل النائب العام إن جاءه سكران يصيح أنا جدع؟ فليجلده ثمانين جلدة حتى يبان له صاحب، وإذا خاطبه القانونيون قال سلاماً، إنما أنا أحكم بالكتاب، أتكفرون ببعض الكتاب وتؤمنون ببعض؟!
الجلد أول طريق الحرابة، انتظروها من وكيل آخر للنائب العام أو قاضٍ على المنصة بعد قليل، ولن أستغربها، ففى مناخ ملغوم بفتاوى التخوين والتكفير، والإخراج عنوة من الملة، وتهيئة مناخات القتل والغيلة بإطلاق الصفات والنعوت المستوحاة (تقبيحاً) من القرآن الكريم (سحرة فرعون ومسيلمة الكذاب وغيرهما)، ماذا تنتظرون وأنتم تشاهدون على الهواء مباشرة «ترزياً» عائداً من أمريكا يأمر فينا بالمعروف وينهى عن المنكر، ويعلمنا الدين أو يتعلم فينا فى ظل حبور الإخوة وغبطتهم؟!
بيئة تستزرع فيها وتنهض مثل هذه الأفكار التى تشيطن الآخر وتخرجه من الملة، بنزوع كامل لدحض قانون العقوبات ومسخ قانون السلطة القضائية لأنه لا يوجد نص (حتى الآن) يعاقب بالجلد، كما أن قرارات النيابة العامة تقتصر على إحالة المتهم للمحاكمة فى حال ثبوت الاتهام أو إخلاء سبيله فى حالة التشكيك فى الاتهام، ولا تملك إصدار أحكام بالجلد أو خلافه.
بالله عليكم كيف تطبقون الحدود على أرض واقع لا حدود لحاجته وعوزه وفقره، أتعاقبون الناس على عريهم، إيش ياخد الريح من البلاط، وقبلها من ذا الذى يقرر جلد السكرانين، وتفسيق الفاسقين، وشيطنة المخالفين؟! أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.