كفانا الله شر القتال.. لكنه لم يكفنا خيره.. لقد فعلها الشيخ الشعراوى.. وأراحنا.. فها هو يتخلى عن الدوران واللف حول أفكاره الحقيقية، ويكشف -لأول مرة- عنها.. هذه الأفكار التى كلما اقتربنا منها بالنقد، انفجرت تحت أصابعنا ألغام موظفى الشيخ الشعراوى فى الصحافة والإعلام.. وتابعوه بإحسان إلى التليفزيون.
كشف الشعراوى.. أو انكشفت أفكاره.. لا فرق.
فالرجل باء بها.. باء بالتطرف.
يملك الشيخ الشعراوى تأثيرا خطيرا على الجماهير فى مصر، ومن هنا تأتى أهمية ما يقوله.. ويذيعه على الناس سواء وهو فى حلقة الدرس وحصة الدين التى يقدمها فى التليفزيون.. أو من خلال أحاديثه الإذاعية والصحفية التى تغرق العالم العربى، وربما تغرقه فعلا دون أى مجاز(!).
وتاريخ الشعراوى الحافل بالمعارك، لم يحفل مرة بمعركة واضحة مع المتطرفين، دعك من التصريحات الإعلامية غير الرنانة التى تطويها بعض الصفحات فى بعض المجلات نقلا عنه، لكن الرجل فى ما هو واضح (وها هو يزداد وضوحا)، لا يبعد كثيرا عن مضمار التطرف والمتطرفين فى مصر.
بصراحة ما استطعنا إليها سبيلا، نستطيع أن نزعم أن الحوار الذى أجرته معه جريدة «عقيدتى» (العدد الثانى -8 ديسمبر 92- ص 10، 11) إنما يصب تماما فى خندق التطرف.
وهذه أدلتنا.. وهاتوا أنتم برهانكم.
نبدأ من الأخطر..
سألوا الشيخ الشعراوى بالنص:
- وماذا عن المواجهة التى تحدث الآن بين الجهات الأمنية والجماعات التى تنسب نفسها للإسلام؟!
هذا سؤالهم.
وكانت إجابته بالنص الحرفى:
- هذا ما لا أحب الحديث فيه.. لأن هناك 10٪ صواب عند هؤلاء و10٪ صواب عند أولئك.. وهناك 90٪ باطل عند الطرفين.
وأنا لا أفهم أولا وثانيا وثالثا كيف تختصر وتبتسر المواجهة بين المجتمع المصرى والتطرف، إلى مواجهة بين جهات أمنية وجماعات منتسبة للإسلام ما هذا القصور الأعرج فى التفكير؟!
هل فعلا القضية فى مصر الآن صراع بين عبد الحليم موسى وعمر عبد الرحمن؟!
إذا كان السائل يتصور ذلك، والمسؤول (الشعراوى) يوافقه فهذه كارثة لا تدل على شىء أكثر من أنهم ينظرون من خرم إبرة على مصر (…..).. ثم تتحول الكارثة إلى مصيبة.. حيث إن الشعراوى:
1- لا يريد -عفوا لا يحب- الحديث فى هذه المواجهة وهو أمر لا يحتمل السكوت.. فهل قرر الشعراوى فى ظل أزمة مروعة تطيح بمصر كلها أن يتفرج وأن لا يتحدث؟.
ومع ذلك فقد كنت أتمنى -فعلا- أن لا يتحدث!
2- إنه يرى أن المتطرفين يملكون صوابا بنسبة 10٪ ولا أعرف من الشعراوى أى 10٪ يقصد، هل ترويع الآمنين؟! هل القتل؟! هل تكفير النظام؟! هل سب المفكرين؟! هل هذه الـ10٪..؟!
ولا نريد لأحد أن يزايد، فإنه قد يقصد من الـ10٪ الصواب تلك الآيات القرآنية التى يزينون بها منشوراتهم أو اللحى التى يرفعونها فوق صدورهم أو الجلاليب القصيرة أو المصحف فى جيوبهم الشمال ماذا بالضبط الـ10٪؟!
أين صوابهم؟!
حتى لا يختلط على الناس -جماهير الشعراوى الغفيرة- أى صواب يقصد.
3- ثم ما الباطل الذى يقصده عند الجهات الأمنية؟! وهو بالمناسبة 90٪.
كل ما أتمناه هنا أن يملك الشعراوى الشجاعة -وقد يملكها- لأن يوضح لنا بالتفصيل نسبة الـ90٪ الباطل التى تحملها الشرطة والأمن المصرى فى مواجهتها للمتطرفين؟!
وإذا كان عبد الحليم موسى -وزير الداخلية- حريصا هو الآخر (وهو رجل من مريدى السيدة زينب)، أن يحصل على بركة الشيخ الشعراوى، فليسأله متفضلا ومتكرما (يا سيدنا الشيخ ما هو الباطل).
لكن كيف لرجل مثل الشعراوى يتحدث ليل نهار فى تليفزيون الدولة وصحفها وإذاعتها ومساجدها يخرج علينا بأن المواجهة الأمنية للمتطرفين تحمل 90٪ باطل فى نفس التوقيت الذى تسقط فيه دماء رجال الشرطة فى مكافحة الإرهاب والتطرف؟! كيف؟
4- إن كلام الشعراوى وهو هنا يستخدم النسب المئوية والحساب كما دأب على استخدام العلوم، وفهمه الخاص، لها فى أحاديثه الغزيرة الكثيرة، يسمح لنا بزيادة نسبة من هنا ونسبة من هنا على الباطل والصواب لدى المتطرفين، بحيث يخرج الأمر بعد ذلك على هوى الآلات الحاسبة والجداول الإحصائية، لا على فهم تفصيلى حقيقى خالص للأمور، ورصد ووصف وتحليل للحوادث والأفكار.
وقد وافق سائلو الشعراوى على إجابته تماما فهم منبهرون بالرجل منذ اللحظة الأولى (وهذا حقهم، لكن ليس واجبهم أبدا) فسألوه بلهفة:
وما الحل؟