ألم يفهم بعد محمد مرسى أنه لم يعد رئيسا لكل المصريين.. وإنما هو رئيس فقط لجماعته أو عشيرته أو بمعنى أدق مندوب جماعته ومكتب إرشادها فى قصر الرئاسة.. لقد كان واضحا فى جمعة ما أطلقت عليها الجماعة «تطهير القضاء» أنهم يسيرون عكس الناس.. ولا يفكرون إلا بغرورهم «الجاهل».. فقد كانوا وحدهم ضد القضاء حتى إن حلفاءهم تخلوا عنهم..
فلم يكن معهم سوى الدفع بميليشياتهم التى حمتها فى النهائية داخلية محمد إبراهيم، الذين كانوا يطلقون الخرطوش على المتظاهرين الذين تصدوا لهم.. ومع هذا يلفظهم الشعب فى مطالبتهم الآن بتطهير القضاء بقواه السياسية وبقضاته.. وشبابه وثواره الأصليين.. فبات واضحا أن الإخوان لا يطالبون بتطهير القضاء لصالح الوطن والشعب، فقد تمت مطالبتهم بذلك منذ أن كانوا على رأس مجلس الشعب المنحل، وكان فى إمكانهم فعل ذلك بتوافق وطنى.. ولكنهم لم يفعلوا.. ويريدون الآن ادعاءهم تطهير القضاء لجعل هذه السلطة تابعة للسلطة التنفيذية.. بل تابعة مباشرة لمكتب الإرشاد بعد تنفيذ مذبحة لشيوخ القضاة والتخلص منهم.. وكذلك التخلص من عدد من القضاة الذين فضحوا الجماعة بإصرارهم على تنفيذ القانون ولا يعملون على هوى مجموعة استغلال القضاء الإخوانية..
فهم لا يريدون أن يمثل محمد مرسى أمام القضاء مع أعضاء الجماعة الذين هربوا من السجن فى أثناء الثورة مع البلطجية وقطاعى الطرق من سجن وادى النطرون بعد جمعة الغضب فى 28 يناير 2011 عن طريق جهات خارجية مجهزة لعمليات الهروب.. لا يريدون ذلك باستعلاء واستكبار وتمرير «الجهلة»، لأنهم لا يعترفون بالقضاء ولا استقلاله.. ويتخيلون أن محمد مرسى وقيادات الجماعة محصنون حتى من الوقوف كشاهدين فى أحداث الهجوم على السجن وهروبهم وقيام محمد مرسى بالاتصال عبر هاتف أقمار صناعية بقناة «الجزيرة» بعد تحريره وهروبه من السجن مباشرة فى وقت كانت اتصالات المحمول مقطوعة عن مصر كلها..
فما زالوا يستكبرون رغم أن هناك من كان فى مقام رئيس الدولة كالمشير طنطاوى ذهب إلى المحكمة وأدلى بشهادته، وكذلك قام الفريق عبد الفتاح السيسى بالإدلاء بشهادته مؤخرا أمام المحكمة، مؤكدا أنه ومؤسسة الجيش تحترم أحكام القضاء.. لكن تجربة مرسى وجماعته لا تحترم أحكام القضاء.. فلم يحترم مرسى أحكام المحكمة الدستورية.. ولم يحترم أحكام محكمة القضاء الإدارى.. ولم يحترم أحكام محكمة الاستئناف.. ولم يحترم منصب النائب العام.. وإنما هو وجماعته يريدونه نائبا خاصا..
فماذا تنتظر من تلك الجماعة مع القضاء الذى كشفهم وفضحهم.. وأوضح أن مرسى هارب من السجن، ولا يريد أن يمثل أمام القضاء.. وماذا تنتظر من جماعة استغلال القضاء، الذين تم وضعهم فى مناصب.. فيريدون أن يردوا الجميل لمن منحهم تلك المناصب والمكافآت وذلك على غرار الغريانى وأصحابه.. وماذا تنتظر من وسط المؤلفة قلوبهم الذين تصالحوا مع الإخوان بعد أن كانوا ينعتونهم بأسوأ الصفات.. لكن تم منحهم المناصب والسمسرة فى التخلص.. وأيضا الحصانة على غرار الحزب الوطنى الفاسد الذى كان يتعامل مع الشخصيات والأحزاب الضعيفة..
وماذا تنتظر من مجلس شورى باطل يرأسه صهر محمد مرسى.. فلماذا لا يقوم هؤلاء بدور الخدم.. والتغطية.. والمساعدة.. وكأنهم قوى سياسية تساند الجماعة ومندوبها فى الرئاسة.. وكأنهم غطاء شعبى.. لكنهم فى النهاية يعملون لمصالحهم الشخصية فقط.. فهل فهم محمد مرسى أن الشعب ما زال يريد ما طالب به فى ثورته.. وهل فهم محمد مرسى أن الشعب يريد دولة القانون ويريد العدالة ولا يريد عدالة مرسى القائمة على الاستبداد المستنسخ من النظام السابق.. بل أسوأ منه سيطرة الجماعة عليه..
والعدالة لن تأتى بتطهير القضاء على طريقة تعليمات الإخوان لمحمد مرسى وصهره فى مجلس الشورى.. العدالة ودولة القانون طريقهما معروف بعيدا عن جماعة الإخوان.. فليفهم مرسى.. ويعى أن شرعيته وعدالته لم يعدا على المحك.. وإنما فقدا الصلاحية..
ولا أفهم -ولا يفهم غيرى- لماذا يبقى مرسى على كرسى الرئاسة.. وهو الفاشل والعاجز عن تحقيق أى شىء..
الشعب يريد الخلاص..