النائب العام الملاكى طلعت عبد الله كان فى زيارة لعاصمة «الكفيل» القطرى هذا الأسبوع، يقال إن الهدف هو تبادل الخبرات، أو تبادل أى شىء!!.. ليس هذا هو المهم، ولكن ما استوقفنا هو بيان صادر بعد لقاء جمع النائب العام الملاكى مع بعض المصريين هناك، جاء فيه أن الحديث دار حول تفعيل «قانون الإعلام» ضد التجاوزات، أو ما أسموه «البلطجة الإعلامية»، وأن النائب الملاكى أكد أهمية ذلك، متوقعا صدور هذا القانون بعد انتخاب مجلس النواب القادم!!
أولا: يبدو غريبا أن يتحدث عن «البلطجة» من ارتضى أن يأتى لموقعه بتجاوز الدستور والقانون، وبقرار باطل يمثل عدوانا شائنا على القضاء، واستهانة بقيم نبيلة تحكم العلاقات بين حراس العدالة!!
ويبدو غريبا أن يتحدث عن «البلطجة» من يرفض تنفيذ حكم القضاء بعزله من موقعه، وهو يعرف ماذا يعنى أن يستهين رجل القضاء بأحكام القضاء، ويعرف أى إهانة لحقت بالمنصب الرفيع الذى يشغله بالباطل، ودون أى شرعية!!
ويبدو غريبا أن يتحدث عن «البلطجة» من طلب من رجال نيابة يحترمون أنفسهم ويقدسون العدالة التى يخدمونها.. أن ينحوا ضمائرهم جانبا، وأن يسجنوا الأبرياء حتى لا يحرجوا المسؤولين الكبار (!!) كما حدث فى مذبحة «الاتحادية» التى أعلن رئىس الجمهورية نتائج التحقيقات فيها قبل أن تبدأ، وأكد أن المتهمين قد قبض عليهم واعترفوا.. بينما النيابة العامة كانت وقتها ترفض الضغوط وتصدر قرارات الإفراج عن الأبرياء!!
وكان المحامى العام المستشار خاطر يرفع الأمر إلى المجلس الأعلى للهيئات القضائية، الذى لا نعرف لماذا لم يصدر قراره فى هذا الاتهام الشائن للنائب العام الملاكى حتى الآن!!
ويبدو غريبا أيضا أن يتحدث عن «البلطجة» من جاء إلى موقعه تحت دعوى أنه سيأتى بالقصاص للشهداء، فإذا بنا نشهد فى عهده ما لم نشهده من قبل.. عشرات الشهداء يسقطون فى بورسعيد دون أن تتحرك النيابة أو تثبت حقيقة ما حدث!!
الحسينى أبو ضيف وشهداء «الاتحادية» ما زال من قتلهم طليقا، وما زال من حرص على ذلك وتستر عليه يجلس فى مواقع بعضها رسمى وخطير!! ودماء «جيكا» و«الجندى» والعشرات من شباب الثورة تشير إلى الجانى، بينما الجهود كلها تبذل من أجل ضياع الحقيقة، والنائب العام الملاكى مشغول بالولاء وليس بالعدل!!
ويطول الحديث فى هذا المجال، لكننا نريد أن ننتقل إلى الوجه الآخر فى حديث النائب العام الملاكى مع المصريين فى قطر، فالرجل يتحدث عن مواجهة «البلطجة الإعلامية»، ويؤكد أن قانونا سيصدر لمواجهتها بعد انتخاب مجلس النواب القادم.
وهو ما يعنى أن الحرب على الإعلام مستمرة، وإذا كانت الرئاسة قد تنازلت عن بضعة بلاغات ضد الإعلاميين تجنبا للحرج، فإن مئات البلاغات ما زالت موجودة، وأوامر الضبط والإحضار من نيابة طلعت عبد الله جاهزة، والاتهامات الكيدية متوفرة لكل متنطع لاستنزاف جهد الصحافة والإعلام، والتهديدات تتوالى بإغلاق الصحف والفضائيات وبقتل كل من يخرج على السمع والطاعة!!
النائب الباطل بسلامته (وفقا لحكم القضاء) يبشرنا بقانون جديد لقمع الصحافة والإعلام، ويحدثنا عن «البلطجة الإعلامية» وسبل مواجهتها. لا جديد فى ما يقوله، فنحن نعرف جيدا أن المعركة ضد الصحافة والإعلام مستمرة، وأن من يتصورون أن الصحفيين هم «شياطين الإنس» لم يتراجعوا عن هذا التصور المريض، وأن الفاشلين فى الحكم يريدون تحميل الصحافة والإعلام مسؤولية فشلهم، وأن الخائفين من حساب الشعب يتوهمون أن خنق الحريات وقمع الصحافة والإعلام سوف يخفى الحقائق ويمنحهم الفرصة للنجاة.
نعلم ذلك، ونعلم أن «البلطجة» الحقيقية هى تلك التى تمارسها الفاشية وهى تخوض معركتها ضد استقلال القضاء، وضد حرية الصحافة والإعلام. «البلطجة الحقيقية» هى ما رأيناه من عدوان على الأزهر الشريف والكنيسة الوطنية، وهى المحاولة الآثمة للمساس بالجيش الوطنى و«أخونة» كل مؤسسات الدولة.
هذه هى «البلطجة الحقيقية» التى تمارسها الفاشية، ويقاومها الشعب بكل تياراته وطوائفه.. لن يسقط القضاء، ولن تركع الصحافة، ولن يتخلى الأزهر ولا الكنيسة عن دورهما الوطنى، ولن يخون الجيش، ولن يكون مصير الفاشية إلا السقوط!!