إخاء شعراوي18 ابريل 2013 08:44 م
قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل إن الأخضر الإبراهيمي، لمبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، في طريقه لتقديم استقالته، لأنه وجد نفسه في أزمة مستحيلة.
وأضاف هيكل، في الحلقة الأخيرة من برنامج "مصر أين؟ ومصر إلى أين؟"، على قناة سي بي سي، "إن لم يكن الإبراهيمي استقال، فإنه في طريقة للاستقالة، ويؤجل إعلان موقفه لحين الذهاب إلى مجلس الأمن، وعلينا السؤال لماذا فشل كل الوسطاء في القضية السورية؟ إن المهمة مستحيلة هناك لعدة أسباب، هناك سلاح يتدفّق إلى سوريا بلا حدود، وحملة إعلامية على الوضع هناك، وجزء كبير من المشكلة يدار من الخارج، والمسؤولية ليست فقط على الحكومة، بل على المعارضة، كان الرجل متأزما عندما رأيته، لأنه وجد نفسه فى أزمة مستحيلة".
وأوضح "هناك جزء أريد التحدُّث عنه قبل الحديث عن العلاقات المصرية الإيرانية، وهو يخص «مبارك»، وأعتقد من ضمن الخلط الذي حدث هو البحث عن الأرصدة فى البنوك، قرأت خبراً في «التايمز» عن سبائك ذهب هرّبتها ليلى بن على زوجة زين العابدين فى تونس، فكّرتنى بمطاردة شاه إيران، الناس تضع فى خزائن لا تستطيع الوصول إليها، وعلينا التفكير فى ليلى بن علي".
وأضاف "ليس هناك جهدا مبذولا على الفاضي وإنما مجهود مبذول في غير الاتجاه الصحيح، ولا يعرف ما نتائجه، وأما بخصوص الصراع في هذه المنطقة، فهناك الفانوس السحري، علينا وضع المشهد به، العالم العربي مشترك فى صراع بينه وبين إسرائيل التى هى مصدر لتهديد أى دولة فى العالم، من حيث وجودها وامتدادها وأمنها، نحن حدّدنا ذلك منذ القدم بأن إسرائيل هى الخطر علينا، مشهد الصراع الإقليمى وخلفه دعم دولى، لكن الصورة تغيّرت، وفجأة أصبحنا موجودين بين العدو هو الاتحاد السوفيتي، فنحن والمغرب والسعودية وفرنسا حاربنا النفوذ السوفيتي. إلى الصراع السوفيتي، إلى صراع الجهاد ضد الإرهاب في أفغانستان، ومن ثم الصراع مع أطراف عربية، بعض اللحظات كان صدام حسين أو حافظ الأسد، وتحول إلى صراع إسلام ضد قوى أخرى بعد «11 سبتمبر»، ومن بعدها إلى صراع سنة وشيعة، أليس بمثابة المصيبة أن يتحوّل الصراع من إقليمى دولى إلى صراع سنى شيعى، أليس هذا أمراً غريباً؟".
واستطرد في حديثه "عام 1937، في عهد الملك فاروق، بدأت المدارس الفكرية تتصوّر لمصر مستقبلا يتعدى العلاقات المصرية - البريطانية، وظهرت عدة مدارس، مدرسة الوطنية المصرية تتمثل فى الحزب الوطنى، و«الوفد» يحتار بين الوطنية المصرية والوحدة العربية، ومدرسة أخرى هى مدرسة الشرق رأت أن مصر قد تنحسر وتنعزل، وهذا البلد لا بد له من الخروج خارج الحدود، هذه المنطقة كان الصراع فيها بين بلاد فارس واليونان ومصر، أى صراع فى التاريخ والفرس وصلوا إلى درجة عالية، التطلع إلى الشرق كان متصلاً بالتاريخ والاتجاه شرقاً بالتفكير التقليدي".
وتابع "كانت تركيا مضمونة في العلاقات مع العثمانيين، والقوة الثانية هي التوجُّه إلى إيران.. على ماهر وغيره بدأوا يفكرون فى زواج ملكى، فتزوجت «فوزية» من شاه إيران. فوزية هي شقيقة الملك، ويُعتبر زواجاً سنياً شيعياً عقده شيخ الإسلام حينها مصطفى المراغى فى مسجد الرفاعى. هذا الزواج لم يستمر ليس لأنه سني شيعي، ولكن لسوء الحظ أن الملكة «نازلى» رأت أن البلاط الملكى الإيرانى ليس كالبلاط الملكى المصرى، ولم يعجبها الوضع هناك، وهنا رؤية سياسية لخروج مصر إلى المشرق، تصرَّف فيها أقطاب هذا الزمن، ورغم فشل هذه الزيجة، لكن هذا لم يؤثر على العلاقات".
وأضاف هيكل "علينا أن ندرك أن ثورة 52، جاءت فى وقت به ثورة إيرانية على شاه إيران، والأمريكان. وحزب الوفد ساند «مصدق» قبل «عبدالناصر»، فى 65، 66، والشاه لتعزيز موقفه بدأ يفتح علاقات مع إسرائيل، مع زيادة حركة القومية العربية. من المؤكد أن هناك ولاءً أمريكياً، «عبدالناصر» قرّر اتخاذ إجراء مهم، وهو قطع العلاقات، الأمر لم يستوجب ذلك، هناك دولة قادمة للاستقلال، وكانت هذه الدول ترفض العلاقات مع إسرائيل.
وواصل "لم تحارب إسرائيل قط إلا ببترول إيرانى، منذ 65، 67، 73. أسمع البعض يقول إننا استقبلنا الشاه فى مصر وفاء لأنه ساعدنا، أريد أن يقول لى عن ناقلة واحدة دخلت إلى مصر. ولم يساعده الشاه في 1973، وحديث الشاه مع السفير الأمريكى، قال «أنا أعطيت إسرائيل كل بترول تحتاج إليه»، فنحن نطلق الأحكام وفقاً لهوانا. «السادات» لم يقُلها وقت المعركة، وزادت بعد رحيله، إيران الشاه أعطت كل بترول حاربت به إسرائيل، ولم تقدِّم نقطة واحدة من البترول لنا".
وقال هيكل، في سياق حواره المطول، "رأيت الشاه في أزمة «مصدق»، وكان مهتما فى مصر بعد تركه الملكة «فوزية»، وجهّز لنا وليمة غداء، حينها كنت صحفياً شاباً، وتحدثت معه، ولكن كنت منحازاً إلى مصدق، وبعد 1967 تحدّثت مع الرئيس عبدالناصر، لاستعادة العلاقات بين الدول للحاجة إلى ذلك حينها".
وعن تحول العلاقة بين «السادات» و«الشاه» من النفور إلى الحميمية، أجاب هيكل "في هذه الفترة لما قامت حرب أكتوبر، وهذه مسألة فى منتهى الأهمية، والرئيس السادات هو يحارب، واجه موقفاً فى منتهى الخطورة، فيه ملوك بدأوا يهتموا، الملك فيصل، الملك الحسن، وشاه إيران، بدأوا يهتموا بأن هذه الحرب لا تصل إلى مداها، لا إحنا نسجل نصراً قاتلاً إذا كان فى وسعنا، ماكانش ممكن، ولا إسرائيل تحقق نصراً ساحقاً، ودخل الملوك الثلاثة يعطوا نصائحهم للرئيس السادات، لكن بدأ تقريباً يبقى فى مجلس إدارة ملكى للأزمة جنب الرئيس السادات، وهو كان محتاجهم، لازم نسلم أنه فى الظرف اللى خاض فيه المعركة، والظروف كلها وعلاقته المتوترة اللى فيها شك مع الاتحاد السوفيتى، كان محتاجاً إلى حلف الملوك، هنا بدأت العلاقات ترجع بشكل أو آخر. وبدأ الرئيس السادات يكتشف الشاه، وكمان كان معجباً به جداً لسبب غريب، وهو أن السادات كان لديه انبهار باستمرار بالملوك، وفى وقت من الأوقات كان قريباً من يوسف رشاد طبيب الملك فاروق الخاص، فى احتفالات «بارسوبليس»، كان معزوماً بها، ادعاءات الشاه وهواجسه قد تعيد ربط إيران القديمة بالحديث، فنظم هذه الاحتفالات بمناسبة 2000 سنة على تأسيس الإمبراطورية الفارسية، عزم كل العالم وعمل احتفالات خرافية، واللى مثّل مصر فيها كان الدكتور عبدالعزيز حجازى الذى عاد يحكى عما رآه لـ«السادات»، خصوصاً أن هذه الاحتفالات كانت مضاءة لدرجة تعمى العيون، ومسرفة ومبالغة".