ما دام الأخ الوَسَطِى العتيد عصام سلطان نزل الملعب، فاعلم أن مؤامرة فى الطريق قادمة. فى بلدنا يقولون «الخنفساء خدامة العقربة». والعقربة هنا هى جماعة الإخوان المسلمين. عصام سلطان -رمز الثورية الحقة- يندد الآن بأيادى الثورة المضادة وسط صفوف القضاء. طبعا يقصد الأيادى التى حكمت بإيقاف النائب العام الباطل عن غَيِّه، وعن تلفيقه للقضايا، وعن عمله «شخشيخة» بيد الإخوان. لأنها كشفت قرار تعيينه الباطل. وليس أدلّ على هذا من أننى أصفه بشخشيخة وأنا مطمئن. فمعى حكم قضائى بأن قرار تعيينه باطل. وأنه موجود فى منصبه الآن دون وجه حق.
القانونى عصام سلطان، لو كان يحترم مهنته، لاحترم القانون. لكنه لا يعرف الاحترام. ليس هذا غريبا عليه. بل سخَّر نفسه أداة للشكاوى الكيدية، وإعطاء التصريحات فى الصحف عن قضايا قبل الحكم فيها، بلغة فيها سب وقذف ولكن دون سب وقذف. هذه هى الفائدة الوحيدة التى تعلَّمها من القانون. أن يتعلم ثغراته. والله يمسّيك بالخير يا أستاذ وحيد حامد. أعتذر. لقد ظلمتك. وظننت أنك تبالغ فى شيطنة الإسلامجية. لكنك فى الحقيقة كنت متهاونا معهم إلى آخر الحدود. ومن هنا تزعَّم عصام سلطان الدعوة إلى مليونية تدعو السلطة التنفيذية إلى ضرب الثورة المضادة داخل القضاء. أى ضرب القضاء. تذكرون تصريحات مرشد الإخوان المسلمين السابق التى صدرت منذ أسبوعين عن ضرورة التخلص من ثلاثة آلاف قاضٍ؟ إنها نفس الخطة.
خطة الإسلامجية واضحة. واضحة وضوح الشمس لكل ذى عينين. تنديد حزب الحرية والعدالة بفساد المنظومة القضائية «المتمثل فى بطء التقاضى والواسطة» خبر منشور. دعوة حازم صلاح أبو إسماعيل «ثوار ٢٥ يناير» إلى الانتفاض ضد القضاء، على خلفية إخلاء سبيل مبارك، منشورة وواضحة. وكأن القضاء هو المسؤول عن الأدلة المقدَّمة، وليس الشرطة ثم النيابة.
ثم إن ما سيحدث بين صفوف المعارضة لم يعد سرًّا هو الآخر. ستندد المعارضة بالاعتداء على القضاء. وسينقسم التيار الثورى. بعضهم مؤيد للمعارضة السياسية، وبعضهم يذكِّر المعارضة بأن «تطهير القضاء كان من مطالب الثورة». ستشهد البلاد احتجاجات هنا وهناك. وكم تصريح من الزند. وكم تصريح صحفى من تهانى الجبالى. ودُمْتُم. هذه نظرية الجِلد التّخين.
المحصِّلة = خطوة تمكينية جديدة للإخوان.
بداية، لم يكن تطهير القضاء مطلبا ثوريا. بل استقلال القضاء. والفارق بين الاثنين كبير.
ثانيا، بلاش هرى. الوقت ليس فى صالحنا. ليس من سبيل إلا تحرك سياسى فاعل، تأخذ فيه المعارضة زمام المبادرة، وتسحب من صفوف المنافقين والطغاة راية الثورة. فالثورة والسلطة إن اجتمعتا فى يد واحدة ملكت الدنيا كلها. وإن كان الدين معهما ملكت الدنيا والآخرة. إنكم أيها الكسالى، يا قادة المعارضة المنشغلين بحساباتهم الضيقة، وبفرص زعامتهم الضئيلة، تأخذون البلد إلى منحدر لا صعود منه قبل عقود وعقود. وإننى فعلا أشعر بالعار أنكم من قلة الذكاء لدرجة أن بضعة من متوسطى الكفاءة كإسلامجية مصر يتلاعبون بكم بهذه الطريقة.
لم يعد الاصطفاف السياسى للمعارضة الوطنية لعبة فى يد مغامر هنا أو حالم بالزعامة هناك. القضية الحالية هى إنقاذ مصر من الوقوع فى فخ دولة فاشلة. لقد جرّبتم الإعلام فأتوا لنا بوزير يتحرش بإعلامية علنًا. وجرّبتم السلطة التنفيذية فجاؤوا لنا بأفشل مسؤولين رأيتهم طوال حياتى الصحفية التى تنقلت فيها فى دستة دول. وجرّبتم النيابة العامة فأتوا لنا بشخص تعيينه باطل، وقراراته باطلة، ولا يحترم السلطة القضائية نفسها. فماذا تظنون بشأن القضاء؟!
غدا سيكررون سيناريو «مذبحة القضاء» كما فعلها ناصر بالضبط. ليس فى الأمر نباهة ولا لماحية. هذا مكتوب على جبهة عصام سلطان. فانتبهوا!!