٢- « الحكومة من كل القوى الوطنية »
واحدة من ضمن العبارات التي قالها نصاً وعهدات تعهد بها مرسي للقوي الوطنية كشرط لمساندته في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية وخاصة على قناة « أون تي ڤي مع المذيع المرموق « يسري فودة » في برنامجه الناجح « أخر كلام »، أن تكون الحكومة ائتلافية، ويتم تشكيلها من كافة القوي الوطنية وأن تكون توجهاتها وإنحيازاتها للطبقة الفقيرة والوسطى، وأن يكون رئيس الحكومة شخصية وطنية معروفة ومشهود لها من الجميع بالكفاءة والوطنية وأن تكون هذه الشخصية من خارج الإخوان.
عندما أعلن الرئيس التشكيل الوزارى فوجئنا بأنه اختار شخصية غير معروفة لأحد حتى أقرب الناس إلى الرئيس لم يكن يعرفه، وفيما يبدو أن « هشام قنديل » وزير الري في عهد حكومة الجنزوري ليس من إختيار محمد مرسي بل فرض عليه كما يفرض عليه دائماً وفيما يبدوا أيضاً أنه قدم قرابين الولاء والطاعة لـ « خيرت الشاطر » وبالتالي أجبر مرسي مرة على قبوله ومرة أخرى على إستمراره حتى الأن رغم الفشل الزريع له ولحكومته التي شكلت نصفين من الوزراء نصف، من فلول النظام السابق والنصف الأخر من الإخوان، ودلالة ذلك ببساطة أنه لا يوجد فرق كبير بين سياسة مبارك وسياسة مرسى، هذه الحكومة التي لا ترضي أحداً لا من الشعب البسيط ولا من المعارضة الفاعلة ولا حتى من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين يلقوا اللوم دائماً على الحكومة.
حكومة فشلت في رغيف العيش والسولار والبنزين والنظافة والأمن، ومع ذلك مستمرة في موقعها وربما لا يعرف محمد مرسي نفسه لماذا يصر خيرت الشاطر على إستمرارها، ولكن السبب معروف ومفهوم لمن يتدبر جيداً في الأمر، فهذه حكومة الإنتخابات البرلمانية القادمة، هذه الحكومة هي المنوط بها تعويض الجزء الكبير المفقود من شعبية الإخوان في الشارع، هذه الحكومة التي تستخدم موارد الدولة وميزانيتها في الدعاية لحزب الإخوان المسلمين، وإن فشلت في ذلك فهي أيضاً المنوط بها تزوير الإنتخابات ونعلم جيداً كيف يتم تزوير الإرادة، وهذه الحكومة التي حصلت بدون منازع على لقب أسوأ حكومة في تاريخ مصر الحديث، كما هو الحال في إختيار المحافظين نصفهم ضباط والنصف الأخر إخوان وهذا النصف الخير فضائحه ملئ السمع والأبصار فهناك من أطلق كلابه على الناس وهناك من قطع الطريق العام لمدة ساعتين لأن موكبه يمر من هناك.
كان مبارك منحازاً للأغنياء حريصا على راحتهم وزيادة أرباحهم، بالمقابل لم يكن يعبأ إطلاقاً بمعاناة الفقراء، ثم جاء محمد مرسى فلم نجده للأسف مختلفا عن مبارك.
ها هو محمد مرسى يفرج عن رجال الأعمال الذين ينتمون إلى نظام مبارك ويقدم لهم التنازلات بعض أن قدموا فروض الولاء والطاعة لخيرت الشاطر، فالشراكة بين خيرت الشاطر وهؤلاء من رجال الأعمال الفاسدين أصبحت ملئ السمع والبصر، فضلاً عن إصطحاب مرسي لهم على طائرته إلى الدول الأجنبية، وها هو مرسى يحاول مواجهة الأزمة الاقتصادية فلا يفكر أبدا فى خفض الإنفاق الحكومى ولا الاستغناء عن المستشارين الذين يتقاضون ملايين الجنيهات بلا وجه حق ولا يفكر فى فرض ضرائب تصاعدية على الأغنياء ولا يفكر فى رفع الدعم عن مصانع المستثمرين التى تبيع منتجاتها بالسعر العالمى وتأخذ الغاز والكهرباء بسعر مدعوم.
لم يفكر محمد مرسى فى هذه الحلول لأنها تهدد مصالح الأغنياء وإنما فكر مرسى مثل مبارك فى الاقتراض، فتقدم بطلب بقرض ضخم بمبلغ ٤ مليار دولار من صندوق النقد الدولى، من غير أن يطلع الرأى العام على الشروط التى وافق عليها من أجل الحصول على القرض لكنه قرر أن يلقي هذه الشروط على عاتق الفقراء فرفع الدعم عن بعض السلع الأساسية مما جعل المواطن الفقير يشعر بأن الثورة التي قالوا أنها قامت من أجله وكأنما قامت لتعجل أجله، وتسمع كل يوم سباب في الثورة والثوار الذين خربوا البلد فلا أمن موجود ولا عيش موجود ولا كرامة موجودة.
لابد أن نذكر هنا أن رئيس الوزراء السابق الجنزورى أراد الاقتراض من صندوق النقد لكن الإخوان اعترضوا بشدة آنذاك وقالوا إن الاقتراض سيوقع مصر فى مزيد من الديون، كما أكدوا أن الاقتراض بفوائد حرام شرعا، لكنهم الآن يهللون ويكبرون للقرض الذى طلبه الرئيس مرسى وقد اكتشفوا فجأة أن الاقتراض حلال شرعا لأنه ضرورة والضرورات تبيح المحظورات، وهكذا يبدو أن جيوب الإخوان مليئة بالآراء الفقهية المتنوعة يخرجون منها ما يناسب رغباتهم ومصالحهم.
هذه واحدة أخرى من وعود محمد مرسي قبل إنتخابه .. ومازال في وعود مرسي الكاذبة بقية.