ايجى ميديا

الجمعة , 23 مايو 2025
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

شاهدت لك: "عن يهود مصر".. سؤال عن الوطن وإجابة عن التسامح

-  
شاهدت لك: عن يهود
شاهدت لك: عن يهودمن النادر جدًا أن نشاهد فيلمًا مصريًا وثائقيًًا طويلًا فى عرض تجارى بالصالات المصرية، تقريبًا لم يحدث ذلك إلا فى فيلم تحرير 2011 لمخرجيه الثلاثة، أما أن يتكرر ذلك مع فيلم آخر هو «عن يهود مصر»

سيناريو وإخراج أمير رمسيس، وأن يكون هذا الفيلم عملًا ناضجًا ومؤثرًا وواعيًا بحديثه السياسى والإنسانى، وبطرحه لأسئلة مهمة عن الانتماء والوطن، فإن كل ذلك أمر يدعو للسعادة، ويفتح العقل والوجدان والذاكرة للمناقشة والتأمل.

استغرق أمير رمسيس أربع سنوات بالتعاون، مع المنتج وصاحب الموسيقى التصويرية للفيلم هيثم الخميسى فى استكمال مادة هذا الفيلم ما بين مصر وباريس،فالموضوع كبير وضخم، وضعت فيه رسائل علمية، وصدرت حوله كتب معروفة ربما أشهرها كتاب «يهود مصر من الازدهار إلى الشتات»، كان هناك الآلاف من اليهود المصريين الذين يعملون فى شتى الحرف ويختلفون فى فئاتهم الاقتصادية وفى مواهبهم وقدراتهم، وظهر منهم العديد من النجوم والمشاهير من يعقوب صنوع رائد المسرح المصرى فى عهد الخديو إسماعيل، إلى نجمة الغناء العظيمة ليلى مراد، ولكن ظهور الحركة الصهيونية التى قامت بانتزاع فلسطين، وتأسيس دولة إسرائيل، أدى إلى هجرات متتابعة لليهود المصريين، كما تورط بعضهم فى حوادث إرهاربية أدت إلى الحكم عليهم بالإعدام والسجن، وزادت الحساسية بعد اندلاع الثورات الفلسطينية فى الثلاثينيات، ثم الحروب المتتالية مثل حرب 1948 و1956 و1967، ليصبح أعداد اليهود المصريين المقيمين فى وطنهم حتى الآن محدودا ومعدودا، فمن أى زاوية سيختار أمير رمسيس تقديم رؤيته؟

لقد اختار الزاوية الإنسانية، ورأى أن يقدم نماذج ليهود مصريين يعيشون اليوم هم أو أولادهم أو أحفادهم، فى فرنسا، بعد أن خرجوا من وطنهم فى ظروف ومناسبات مليئة بالهواجس الأمنية، لم يرتكب هؤلاء أى جريمة، ولكنهم دفعوا ثمن ظهور دولة عنصرية تحاول تجميع يهود العالم على أرض ليست لهم، ودفعوا أيضًا ثمن موقف مضاد أمنى، وليس عنصريا من أنظمة مصرية حاولت أن تدافع عن نفسها، والحقيقة أن هذه الزاوية الذكية منحت الفيلم بعدًا إنسانيًا واضحًا، وقويًا ومؤثرًا، فالفيلم واع تمامًا للفصل بين الذين أحبوا وطنهم من اليهود أولئك الذين ذهبوا لإسرائيل. (وهم بالمناسبة العدد الأقل من اليهود والمصريين) الفيلم يبرز كذلك صورة مصر المتسامحة الكوزمولوليتانية، التى أتاحت لكل الطوائف فرص النجاح والتفوق، فأصبحت ليلى مراد نجمة عصرها وكل العصور وقام توجو مزراحى بتأسيس الفيلم التجارى المصرى..بل إن الظروف أتاحت لليهود إصدار صحفهم المختلفة، وهى المعلومة المهمـة التى غابت عن الفيلم.

يقوم بناء الفيلم على مقدمة ثم انتقالات متبادلة بين مصر وباريس، فى المقدمة أسئلة عن يهود مصر لعيّنة عشوائية من المصريين، نسمع إجابات مختلفة بعضها صحيح وبعضها خاطئ، الواضح أن الكثيرين يخلط تمامًا بين اليهودية (وهى دين سماوى) وبين الصهيونية (وهى عقيدة سياسية عنصرية)، وكأن أمير رمسيس يقول لنا إنه من أجل هذه الرؤية الضبابية الغائمة صنع فيلمه، تقدم لنا بعد ذلك تلك الشخصيات التى ترسم ملامح تجارب ذاتية لليهود المصريين وشخصيات أخرى تقدم معلومات موضوعية عن قصة اليهود المصريين، صعودهم السياسى والاقتصادى والثقافى ثم خروجهم، من الأسماء اليهودية التىنرى حكاياتها من فرنسا «ألبرت آرنييه» الشيوعى المصرى اليهودى الشهير، و«جويس بيلو»، وروث برونخ وجيرار روبوتون وشقيقته «وإيزابيل روبوتون» وإيلى حكيم، وإلين كوفال وأندريه خران، وكلهم إما لديهم تجارب مباشرة عن أسباب خروجهم من مصر

 أو أنهم سمعوا الآباء والأجداد يحكون عن أيامهم السعيدة فى مصر، أما فى الشهادات المصرية فنسمع ونشاهد شخصيات مثل د. محمد أبو الغار، ود. رفعت السعيد، والراحل أحمد حمروش، والباحث عصام فوزى بل إننا نشاهد على نوتيو أحد أعضاء الإخوان المسلمين المخضرمين وهو يهاجم اليهود عمومًا دون أن يفرق بينهم وبين الصهاينة.

تتداخل الشهادات الحية الذاتية مع المعلومات الموضوعية لترسم ملامح عصر بأكمله اختلط فيه السياسى بالدينى بالأمنى بالقانون، الحقيقة أن إحدى حسنات فيلم عن يهود مصر الكثيرة جدًا هى أنه يقدم لمشاهده أدوات للتفرقة والفصل بين هذه الأمور المختلطة، اليهود المصريون مثلًا ليسوا كتلة واحدة، بل هم يختلفون طائفيًا واقتصاديًا، هناك مثلا اليهود القراءون الذين لا يختلفون إطلاقًا عن المصريين العاديين، ومنهم نجوم الفن المشاهير مثل داود حسنى وليلى مراد

ولكن هناك طبقة من اليهود الاشكناز الذين قدموا من شرق أوروبا، وهؤلاء كانوا أقل انفتاحًا، ولغتهم الأساسية هى الفرنسية، من المعلومات المهمة التى يقدمها الفيلم أن الحركة الصهيونية فشلت فى جذب اليهود المصريين إلى مشروع دولة إسرائيل، وكتب حاييم وايزمان، بعد زيارته لمصر عام 1902، ليهاجم اليهود المصريين، وكأن لا يرى من بينهم أحدا يصلح لمساعدة حلم الدولة اليهودية إلا موصيرنى وليوكاسترو الذى كان صديقًا لسعد زغلول، وقد أسس كاسترور الاتحاد الصهيونى المصرى، ولكن بالمقابل كان معظم اليهود ضد الفكرة وخصوصًا يوسف باشا قطاوى، وجاء عام 1935 ليكون حاسمًا فى تصاعد العداء ضد اليهود المصريين بسبب ما ارتكبه المستعمرون اليهود فى فلسطين، ثم جاء صعود جماعة الإخوان وحزب مصر الفتاة وأحداث حرب فلسطين لتضيف مزيدًا من العداء كان الخروج الأول بعد حرب 1948، والخروج الثانى بعد عام 1956

وكان هناك خروج ثالث فى الستينيات لا يشير إليه الفيلم بعد محاولة إسرائيل قتل العلماء الألمان فى القاهرة، وبعد حرب 1967، ولكنه بالطبع كان أقل لأن الهجرات الأكبر كانت بعد العدوان الثلاثى، ومع ذلك فإن الفيلم يقدم نموذجين لاثنين من أشهر اليهود المصريين الذين لم يغادوا وطنهم حتى وفاتهم وهما المناضل يوسف درويش والمناضل شحاته هارون، والاثنان من أركان الحركة الشيوعية المصرية التى ساهم فى تأسيسها اليهودى هنرى كوربيل الذى يقدم الفيلم ما يشبه التحقيق القصير عن حياته وعن مساندته لوطنه حتى بعد خروجه مطرودًا عام 1950.

ينحاز فيلم «عن يهود مصر» لأولئك الذى أجبروا على التخلى عن وطنهم وجنسيتهم دون ذنب، يقول الفيلم ببراعة إنه عندما يكون السؤال عن الوطن فإن الإجابة التى تليق بالإنسان تكون التسامح هذا فيلم عظيم جدير بالمشاهدة والمناقشة.

نقلاً عن مجلة أكتوبر
التعليقات