ملفات العنف الطائفى وحقوق المرأة وقانون الجمعيات الأهلية أُثيرت بشكل صريح فى الأيام الأخيرة.. وستثار مجددًا خلال وجود كيرى فى الكونجرس يومى الأربعاء والخميس القادمين
تشهد واشنطن خلال الأيام المقبلة تحركات وتشاورات ومناقشات متعددة ومتنوعة عن مصر.. وإلى أين تسير؟ وفى الطريق زيارة أو «غزوة» جديدة للإخوان لواشنطن وفى هذه المرة القادم هو عمرو دراج القيادى البارز فى حزب الحرية والعدالة، ولكن ترى ما رسالة «التطمين» الجديدة التى يحملها دراج ومَن معه؟ فى أبريل 2013، كما يقوم أهل واشنطن بتنظيم جلسات مطولة عن مصر وأحوالها يستضيفون فيها أصحاب الرأى وصناع القرار فى مصر الحاليين والسابقين ليقدّموا رؤيتهم لمصر الحاضر والمستقبل. ووزير الخارجية جون كيرى يتوجّه إلى الكونجرس يومى الأربعاء والخميس القادمين ليناقش أولويات الأمن القومى وميزانية العمل الخارجى والمعونات والشرق الأوسط وبالطبع مصر. قضايا مشابهة سيتم طرحها على وزير الدفاع تشاك هيجل، وهو فى الكونجرس أيضًا يناقش التحديات الأمنية ومتطلبات الخريطة الدفاعية فى العالم وميزانية البنتاجون وزارة الدفاع. ومن المقرر أن تشهد العاصمة الأمريكية يوم الخميس «18 أبريل» مظاهرة للأقباط أمام البيت الأبيض ثم مسيرة إلى الكونجرس.
ولا شك أن الأوضاع الاقتصادية المتردية كانت وما زالت مطروحة على الساحة بشدة وكيف أن مصر أصبحت على «حافة الهاوية» و«قد تنهار» وما يقال عن «أنها أكبر من أن تفشل أو تكون دولة فاشلة» أو «تغرق». وبالتالى فإن الوضع الاقتصادى المصرى سيكون حديث المدينة مع وجود رجال أعمال والغرفة التجارية الأمريكية بمصر ولقاءات ومناقشات فى واشنطن يشارك فيها نظراؤهم الأمريكيون ومسؤولون بالحكومة الأمريكية وقيادات بالكونجرس. وبالطبع سنسمع أكثر عما حقّقه ولم يحققه وفد الصندوق فى مصر، وعما تنتظره مصر فى شهور الصيف المقبل..
أما المنتدى الخاص بأحوال مصر وتحدياتها ينظّمه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن بالتعاون مع مؤسسة كولونيال ويليامزبرج، ويعقد بعيدًا عن العاصمة فى ويليامزبرج التاريخية بولاية فرجينيا. وسوف تكون جلساته مغلقة ويشارك فيه الكثير من الشخصيات المصرية، ومنهم د.عصام شرف ونجيب ساويرس والسفير محمد العرابى وعمرو دراج وسامح سيف اليزل وعمرو حمزاوى وآخرون. ومن المقرر أن تعقد فى ما بعد جلستان للمناقشة العامة يوم 25 أبريل الجارى فى واشنطن عن «مصر الجديدة والغرب» و«مصر الجديدة فى الشرق الأوسط».
أما «غزوة» الإخوان الجديدة تأتى بعد سنة من الزيارة المعلنة الأولى «أبريل 2012» التى طرقت أبوابًا عديدة ووجدت آذانًا صاغية وترحيبًا «منقطع النظير» من أهل واشنطن. وقد وصفت حينذاك «الغزوة الإخوانية» بأنها كانت فتحًا للقلوب والعقول فى بلاد الأمريكان. إلا أن الأيام أتت بما لم يكن فى الحسبان. ولم يأت استطلاع الرأى الأخير الذى أجرته مؤسسة زغبى عن مكانة وصورة مصر لدى الأمريكان مع «قدوم الإخوان» بمفاجأة كانت غير متوقعة، خصوصًا فى الشهور الأخيرة بدءًا «كما يؤكد أكثر من مراقب» من الإعلان الدستورى والهيمنة على اتخاذ القرار. وإذا كانت الأرقام تتحدث وتكشف الحالة فإن نسبة قبول أو رضا أو شعبية مصر لدى الأمريكان كانت فى المتوسط نحو 60 فى المئة على مدى العشرين السنة الماضية، إلا أنها انخفضت فى العامين الأخيرين لتصل إلى 36 فى المئة قبل شهر «مارس 2013». وأظهر الاستطلاع أيضًا عدم ثقة وشكوكًا تجاه الإخوان وتخبط حكمهم، وقلقًا عميقًا تجاه مصر. وخلال مناقشة تمت فيها قراءة كل دلالات استطلاع الرأى وأرقامه، أكد خبراء فى مصر وشؤونها أن فشل الرئيس وحكومته فى إدارة البلاد واحتواء الأزمات و«لم شمل الوطن» و«التعامل الجدى مع ملفى المرأة والأقباط»، كان وراء هذا «التردد» أو «التوجس» الذى ظهر لدى المهتمين بالشأن المصرى. د.جون اسبوزيتو الأكاديمى المعروف، نبّه إلى أن الكثير من المتحمسين لقدوم الإخوان للحكم لا يستطيعون قبول ما يجرى فى مصر اليوم مهما كانت المبررات والتفسيرات وأن هناك حاجة ماسة إلى الكفاءة فى الأداء وأيضًا الرغبة فى احتواء الجميع من أبناء الوطن وأن ينعكس ذلك عمليًّا وبخطوات سياسية تتخذ ويتم العمل بها.
ومن المنتظر أن يستقبل البيت الأبيض فى الأيام المقبلة قيادات عربية من دولة الإمارات «16 أبريل» وقطر «23 أبريل» والأردن «26 أبريل». وجاء جاى كارنى المتحدث باسم البيت الأبيض ليصرّح يوم الخميس بعدم وجود تخطيط أو خطة فى الوقت الحالى، لكى يتم الإعلان عنهما فى ما يخص باستقبال الرئيس مرسى فى البيت الأبيض. وبالطبع لم يفته القول بأن «علاقتنا مع مصر هامة جدًّا ونحن نواصل الارتباط مع الحكومة المصرية».
ومع متابعة ما أعلنته واشنطن من تصريحات حول ما جرى فى مصر تحديدًا بعد موقعتى الخصوص والكاتدرائية، هل يمكن القول بأن واشنطن تراقب عن كثب ما يجرى فى بر مصر؟ وهل لها موقف واضح وصريح مما جرى؟ ثم هل لديها الرغبة أو القدرة أن تواجه الرئيس وحكومته؟ نعم، طالبت الخارجية الأمريكية الحكومة المصرية بتسريع ما وعد به الرئيس مرسى من تحقيقات شاملة وشفافة بخصوص ما حدث من عنف طائفى فى مصر. وأعلن باتريك فنتريل نائب المتحدث باسم الخارجية، أن واشنطن تراقب الأمر عن كثب وتندّد بالعنف الطائفى وترى «أن قوات الأمن عليها مسؤولية حماية ومنع الاشتباكات ما بين المواطنين وأن تستخدم أقصى درجات ضبط النفس وأن تحمى المؤسسات من الاعتداءات». وأكد أن الفشل فى ملاحقة الجناة فى الجرائم الطائفية أسهم فى إيجاد مناخ الحصانة وعدم المحاسبة فى مصر. انتهى كلامه وفى كل الأحوال فإن جدية واشنطن فى متابعة هذا الأمر وأمور أخرى موضع اختبار.
ملفات العنف الطائفى وحقوق المرأة وقانون الجمعيات الأهلية أثيرت بشكل وصريح فى الأيام الأخيرة وستثار مجددًا مع كل إشارة إلى مصر. وغالبًا هذا هو ما سيتكرر مع كيرى فى جلسات الكونجرس. وواضح للعيان أن الإدارة فى الفترة الأخيرة «وبعد أن ذهبت السكرة وجاءت الفكرة» بدأت تتعامل مع تداعيات الربيع العربى. يكفى أن تتجه الأنظار إلى سوريا ولو لحظة ليكون الهاجس الأكبر لما يمكن أن يأتى بعد ذهاب الأسد أو الإطاحة به وهو «حكم إسلامى آخر» مثلما حدث «وربما أكثر تطرفًا مما حدث» فى مصر وتونس. ومنذ فترة ومراكز الفكر العديدة فى واشنطن مهتمة ومهمومة بـ «الانقسام الطائفى» القادم أو المقبل والمسمى بـ«المواجهة أو الصدام ما بين السنة والشيعة». وبالتأكيد مخاوف واشنطن من كيفية معالجة الحكومات فى الديمقراطيات الناشئة لقضايا المرأة والأقليات وحرية التعبير والمجتمع المدنى ليست فى حاجة إلى تنبيه وتحذير «فالهجمة شرسة مهما كانت محاولات الطمأنة أو التجميل أو التزيين». فلنقل بشكل عام مهما كانت المبررات والتفسيرات والبيانات الناطقة بالإنجليزية فالصورة واضحة وضوح الشمس حتى لو تكرر الموال إياه عن «التركة المتلتلة» و«البيروقراطية المعطلة للتحول المأمول» و«استهداف التحول الديمقراطى» و«بقايا النظام السابق أو الفلول»، وطبعًا «محاولات مستميتة لإفشال المشروع الإسلامى» وبالتأكيد الطنطنة الكبرى «لا نقبل تدخلًا أجنبيًّا فى شؤوننا الداخلية». إلا أن كل هذه الروايات والحكايات والولولات والمواويل الآتية من القاهرة كيف سوف يقرّها ويسمعها ويفهمها ويقيّمها فى الوقت الحالى أهل واشنطن؟ هذا ما قد نراه وندركه فى الأيام القليلة المقبلة.