لا بد وأن يعلن الدكتور سعد الدين إبراهيم توبته عما اقترفه فى حق مصر. بوضع يده اليسرى فى أيدى الإخوان ووضع يده اليمنى فى أيدى الأمريكان. وشبك أيديهما فى بعضهما حتى أصبح الإخوان والأمريكان إيد واحدة. وخرج هو من الصورة. وأصبحت العلاقات الأمريكية الإخوانية سمنا على عسل. على حد قول الدكتور سعد نفسه. وعندما سألت الدكتور عن ذلك، قال كما يقول فى كل وقت وكل مناسبة، وفى كل مقالة إن الإخوان فصيل مضطهد منذ عهد عبد الناصر وامتد إلى مبارك. وأنا أقف مع كل فصيل مضطهد فى أى مكان فى مصر. ولكى نكون منصفين. لا يمكن أن نحمل الدكتور وزر تعارف الإخوان بالأمريكان. فالاتصالات ما بين الاثنين لم تنقطع منذ تسلم الأمريكان قيادة العالم من الإنجليز، لكن تلك العلاقة الغامضة غالبا والمعروفة أحيانا. كان لا بد أن يكون لها محلل لتظهر رسمية ومعقولة لقواعد الإخوان وللرأى العام الأمريكى. ولتصبح حقيقة واقعة. وقد قدم الإخوان كل الضمانات التى يحتاج إليها الأمريكان دون نقاش ودون فصال. وقد تحجج الإخوان بأن الله سخر الشيطان الأعظم لخدمة المشروع الإسلامى وأعماهم عنه ليصلوا إلى الحكم وليطبقوا حكم الله على أرض مصر. وما دامت طلباتهم لا تمس شرع الله، هذا ما يقال للقواعد، فما المانع، ولا ضرر ولا ضرار. أما الصفقات والاتفاقات التى تتم سرا لا تمت لا إلى الإسلام ولا إلى الوطنية بشىء. الكل خونة. بمن فيهم من يحاول أن يقنع الناس بأنهم مناضلون، معارضون، ثوريون، الكل يتحرك بتليفون أمريكى. هم وأتباعهم من يشيعون أن الأمريكان فوجئوا بالثورة المصرية، لو كانت ثورة إلى الآن، وأن الإدارة الأمريكية ارتبكت وترددت ولم تكن تعلم شيئا عما يحدث فى مصر. فهجوم رموز رجال أمريكا المصريين على ميدان التحرير كان واضحا كالشمس. بل كثير وليس بعضا من شباب الثورة قبل الثورة وفى أثنائها وبعدها كانوا على اتصال مستمر ووثيق بالسفارة الأمريكية. وينفذون ما يؤمرون به. وأنا أعلم الكثير، لكن ليس وقته الآن كشف تلك الحقائق المؤلمة. يكفى أن تذهب إلى أى احتفال للسفارة الأمريكية وترى بعينك السادة الشباب الثورى هناك وبعض قيادات الإخوان والسلفيين، وانظر بعين رأسك على هذا الحب والاحترام والغرام ما بين الاثنين، تقولش قرايب، ومن يقول إن الأمريكان كانوا لا يعرفون شيئا عن الثورة لا بد وأن يعرفوا أن مصر من أهم وأكبر المحطات المخابراتية فى العالم. ويكفى أن نعرف أن السفارة الأمريكية تستخرج جوازات سفر على درجات تبدأ من الـ«vip» إلى الجوازات العادية. الجواز الدبلوماسى لأفراد السفارة على مستوى غاية فى الأهمية. أخرجته السفارة لأربعة الآف عنصر مخابرات من الـ«سى آى إيه»، موجودون الآن على أرض مصر، فى السعودية نحو 13 وفى إسرائيل 3 ويختلف التمثيل من بلد إلى آخر. لكن التمثيل المخابراتى فى مصر لا مثيل له فى كل دول المنطقة. ولا يمكن لهذا العدد الضخم من هؤلاء أن لا يفعلون فى مصر غير التمتع بشمسها وهوائها، وبالنيل من شرفات السفارة. بل هم على اتصال واسع ومنتشر ووثيق مع جميع الفئات فى مصر. ولهم رجال على مستوى رفيع من الثقة. عندما يريدون إجابة عن أى سؤال يمثل لغزا لهم. من ضمن هؤلاء فى الإخوان هو الدكتور عصام العريان. فهم يثقون فيه ثقة عمياء. صحيح هم على اتصال واسع بقيادات الجماعة. لكن العريان هو مصدر الثقة الأول لديهم. وأنا لا أتهم العريان بالعمالة أو العمل مع الأمريكان. كى لا يذهب خياله بعيدا هو ومن معه ومن حوله. لكن قد يكون التعامل من نوع أنه وسيلة الاتصال الموثوق فيها. أو هو المنوط من الإخوان بالحديث مع السفارة. هناك مسميات كثيرة يمكنك أن تقتنع بها، غير أن تتهم العريان دون سند بأنه عميل للأمريكان، حاش لله، كل تلك الاتصالات التى تقوم بها السفارة مع جميع الطوائف السياسية لا لشىء سوى لمصالح الأمة الأمريكية فى المقام الأول. ثم المصالح الإسرائيلية فقط. أما ما يقال من أجل نشر الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والكلام المعلب إياه فهو من أجل تقديم مبرر للرأى العام الأمريكى فقط. أما مصر وشعبها فليذهبوا إلى الجحيم. وما نراه الآن من أوامر أمريكية هدفه الأول هو الانتهاء من القضية الفلسطينية ودخول إسرائيل الجامعة العربية كمراقب مثل تركيا وإيران. وتطبيع جميع الدول العربية بشكل رسمى مع إسرائيل، وضمان حفظ الأمن المشترك ما بين العرب وإسرائيل. والإخوان هم من سينفذون هذه الصفقة القذرة بالسير دون انحراف عن الكتالوج الأمريكى.
وتلك الترتيبات فى التغيير الوزارى وتعديل الدستور وعزل النائب العام ما هى إلا تعليمات لا بد أن تنفذ، وسوف تنفذ رغم أنف الجميع. الآن كل أحلام الأمريكان أوامر.. تنفذ من داخل عيون الإخوان. وسلِّم لى على الوطنية!