ربما لم يتخيل يوما أن يسترد بصره بعد 18 عاما قضايا في الظلام، القصة أغرب من الخيال، ولكنها حدثت لأحمد فايز، الذي كان من أوائل الثانوية العامة عام 2008 للمكفوفين، وواجه صعاب كثيرة، حتى استقر به الحال طالبا بكلية الإعلام في الجامعة الأمريكية، ويخطط للماجستير ثم الدكتوراه.
قصة أحمد عرضتها حلقة "جملة مفيدة"، حيث ولد في أسرة فقيرة، دفع ثمن هذا الفقر 18 عاما قضاها وهو كفيف بسبب خطأ طبي في إحدى المستشفيات، كل ما اهتمت به أسرته حينها هو أن تأخذه من المستشفى، حيث رفض الأطباء بعد هذا الخطأ أن يسلمونه خوفا من أن يصل الأمر للقضاء.
عاش أحمد هذه السنوات، ووالدته ترعاه وتعوضه عن وفاة والده، ضاربة بذلك أروع الأمثلة في التضيحة، حيث كانت تعمل في المنازل دون حتى أن يعرف أبنائها، وأصرت على أن يدخل ابنها المدرسة وألا يكون أقل من أي طفل آخر، حتى اشتد عوده، وأصبح من أوائل الثانوية العامة للمكفوفين.
كان من المفترض في هذا الوقت أن يحصل أحمد على منحة من وزارة التربية والتعليم، وكان مفترضا أن يشارك في رحلة كانت تنظمها جريدة "الجمهورية" كل عام لأوائل الثانوية العامة، ولكن كل ذلك لم يحدث، وتعللت الجريدة بأنه لن يرى شيئا في رحلته لأنه كفيف.
كانت هذه الصدمة دافعا لأحمد أن يكون أكثر صلابة، وأمه كذلك، ولم يستسلم، وبحث عمن يساعده، وبالفعل ساعدته الصحفية نشوى الحوفي في الحصول على منحة جزئية في الجامعة الأمريكية، بينما رعت مؤسسة الألفي للتنمية البشرية باقي مصروفات المنحة، بينما تكفل شخص آخر لا يعرف اسمه بمصروفات سكن أحمد في القاهرة، لأنه من محافظة المنوفية.
بعد 4 شهور في الدراسة، تم ترشيح أحمد لطبيب العيون الدكتور مصطفى الشربيني ودرس الأخير حالة أحمد، وقرر أن يجري له عملية لإزالة المياه البيضاء من خلف عدسة الرؤية، ونجحت العملية في أن يسترد أحمد بصره مرة ثانية.
18 عاما من القراءة بطريقة برايل، كانت كفيلة بأن تضع صعوبة أخرى أمام أحمد وهي كيف يقرأ ويكتب العربية والإنجليزية مثل أي طالب سوي، ولكنه في النهاية تغلب عليها بالمزيد من التعب والكد، وهو الآن على وشك التخرج من الجامعة، ليستعد بعد ذلك للدراسات العليا.
.