ايجى ميديا

السبت , 2 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

إنهم يقتلون أمَّهم!

-  

لا أعرف فى تراثنا المصرى أو فى تراث غيرنا أثراً يجسد الواقع الذى نعيشه فى هذه الأيام كما تجسده أسطورة أوزيريس فى صراعه مع أخيه الشرير ست.

إنهما من أب واحد وأم واحدة، لكنهما نقيضان. «أوزيريس» يحب الخير ويعطف على الآخرين ويزوّدهم بما يحتاجون إليه.

و«ست» شرير حاقد يتآمر على أخيه ويغتصب عرشه ويقتله. لكن الصراع لا ينتهى. لأن الحياة لا تنتهى. وهى وجهان نقيضان فى كيان واحد. غرائز وأطماع ومخاوف من ناحية، وقيم أخلاقية وأحلام ومُثُل عليا من ناحية أخرى. وهذان الوجهان لا يكفان عن التشكل والتحول والصراع الذى نخوضه جميعاً ونحسمه بالمواقف التى نتخذها من طرفيه. حين نحسن التفكير ونخلص العمل وننتصر للحق والعدل ينتصر «أوزيريس». وحين نلجأ للعنف وننفرد بالسلطة ونعتدى على حقوق الآخرين ينتصر «ست» كما حدث فى هذه الأيام!

من هنا عرف العالم القديم أسطورة أوزيريس وتبناها وتمثل نفسه فيها. أيوب العبرانى وبروميثيوس اليونانى فيهما الكثير من أوزيريس. وفى الإسكندرية القديمة جمع اليونانيون بين الإله المصرى وإلههم ديونيزوس فى إله واحد سموه زيرابيس أو سيرابيس. كما انتشرت عبادة إيزيس أخت أوزيريس وزوجته فى العالم كله. فالعزى معبودة العرب الجاهليين هى إيزيس المصرية. وقد أحصى المؤرخون ثمانين موضعاً فى أوروبا كانت تعبد فيها إيزيس. وهذا ما يشير إليه الشاعر الألمانى جوته حين قال فى إحدى قصائده! إيزيس! أوزيريس!

 أين المهرب منكما؟! والمؤرخ الفرنسى روبير جاك تيبو يقول فى كتابه «موسوعة الأساطير والرموز الفرعونية»، وهو يتحدث عن إيزيس فى فرنسا إن هذه الربة لم تفقها واحدة أخرى من ربات السماء أو الأرض. ونستطيع نحن الفرنسيين أن نؤكد أن أرض وادى النيل كانت أمنا الروحية ومعلمتنا الأولى. وفى الكثير من مناطق فرنسا وجدت علامات واضحة تؤكد هذه الصلة. وفى باريس بقى لفترة طويلة تمثال ضخم لإيزيس فوق مركبها فى كنيسة سان جرمان دى بريه. ولكن أحد الكهنة قام بتحطيمه فى القرن الثامن عشر.

وكما عرف العالم إيزيس وأوزيريس عرف أخاهما الشرير وعدوهما اللدود «ست» الذى سمى الشيطان باسمه satan، وهو تجسيد للشر المطلق.

وهذه الاستطرادات مقصودة. لأننا فى أشد الحاجة لمعرفة هذا التراث المصرى الذى اجتمعت ضده قوى مختلفة فى الماضى والحاضر تشوهه وتسقطه من ذاكرتنا، وتنفيه من حياتنا وتجعلنا خصوماً له نكرهه ونتبرأ منه، ونرضى فى المقابل بأن نلحق أنفسنا بتواريخ أخرى لا تخصنا، وأن نعيش حياتنا بعقول مغتربة ووجوه مستعارة.

حين يبدأ الإخوان المسلمون تاريخنا من الفتح العربى، ويسقطون منه كل ما سبق وهو يحسب بآلاف الأعوام ويزخر بالمعجزات التى لا تزال حية تلهم البشر وتثير دهشتهم وإعجابهم- حين يسقطون هذا التاريخ العريق وهذا التراث الحافل ويفرضون علينا هويتهم الناقصة يتمكنون من فرض طغيانهم وتنفيذ مخططاتهم. فما دمنا جزءاً من أمة مفترضة يسمونها العربية حينا والإسلامية حينا آخر، ولسنا أمة مكتملة بذاتها متحققة فعلينا أن نرضى بأن نكون ولاية فى الإمبراطورية الدينية أو فى دولة الخلافة التى يريدون أن يقيموها.

وما دامت مصر إقليماً أو ولاية فى وطن واحد متخيل فهى حق لكل من يعيش فى هذا الوطن المتخيل. وإذا كان الإسرائيليون قد اغتصبوا فلسطين وأصبح الفلسطينيون بلا وطن فلا بأس فى أن ننزل لهم عن سيناء، خاصة أن الفلسطينيين المرشحين للاستيلاء عليها هم جماعة حماس، الفرع الفلسطينى لإخوان مصر. وقد سمعنا أخيراً عن صفقة تنزل فيها السلطة الإخوانية فى مصر لأختها فى السودان عن حلايب وشلاتين!

الإخوان المسلمون يلعبون الآن دور ست بتوسع وضراوة. لا يكتفون باغتيال خصومهم من رجال السياسة والقضاء، كما فعلوا مع النقراشى والخازندار فى أربعينيات القرن الماضى، بل يغتالون مصر كلها ويمزقونها تمزيقاً ويتصرفون فيها كأنهم غزاة فاتحون فمصر الآن غنيمة ونحن أسرى وسبايا.

وعلينا أن نكون صرحاء مع أنفسنا وأن نعترف بأن هذا الذى نراه اليوم لم يبدأ اليوم، وإنما بدأ منذ فقدنا نظامنا الديمقراطى الذى أقامته ثورة 1919، وفقدنا معه علمنا الأخضر وأصبحنا إقليماً جنوبياً فى دولة مصطنعة أقامها انقلاب وأسقطها انقلاب. ثم توالت علينا الخطوب والهزائم حتى فقدنا ثروتنا وثقتنا فى أنفسنا ومكانتنا فى المنطقة- وفى العالم- وأصبحنا نعيش على الديون والمنح والعطايا، ونحلم بعقد يتيح لنا الفرار من أرضنا الخضراء والعيش فى ركن من أركان الصحارى المحيطة بنا، نخدم أهله ونستعير لهجتهم ونتعود عادتهم ونتسمى بأسمائهم ونتزيّا بأزيائهم، ونعود بالريالات والدولارات نشترى الحقول المزروعة المروية منذ آلاف السنين ونحولها إلى طوب أحمر وأسمنت أغبر وأسياخ حديدية مرشوقة كأنها سهام طائرة أو رماح مسددة.. إذن فقد افترست الصحراء مصر. وإذن فقد انتصر ست على أوزيريس من جديد.

الأسماء التى نسمى بها أبناءنا ليست أسماءنا. وملابس الرجال والنساء خليط غير متجانس من أزياء العرب والعجم. والقتلة يحملون الأكفان ويدفعون الديات ولا يعبأون بحكم القانون. والعجول والخراف تذبح فى شوارع القاهرة والإسكندرية وفى أحيائهما التى كانت راقية. والأشقاء يقتلون أشقاءهم وشقيقاتهم، والآباء أبناءهم وبناتهم، والأبناء آباءهم وأمهاتهم.

والفقهاء يفتون بأن من حق الرجل ولو كان فى الخمسين أو الستين أن يتزوج بنت السابعة، لأن كتب السيرة تقول إن الرسول تزوج عائشة بنت أبى بكر وهى فى السابعة، وبنى بها- أى دخل عليها- وهى فى التاسعة. ويفتون بحق المرأة فى أن تختلى بالرجل الغريب شريطة أن ترضعه من ثديها، ويفتون بأن جهاد النكاح فريضة يجب على الفتيات أن يؤدينها لا بحمل السلاح، بل بأن يبتن عرايا فى أحضان المجاهدين!

ولقد يظن البعض أنها مرحلة عارضة أو إصابات محصورة فى فئات محدودة، لم تمكنها ظروفها القاسية وإمكاناتها الضعيفة من أن تتحصن وتحمى نفسها من هذه الأمراض المعدية. غير أننا لسنا بإزاء حالات فردية أو إصابات عارضة، وإنما نحن بإزاء انقلاب كامل استولت به القوى المعادية لمصر وللديمقراطية وللعقل ولحقوق الإنسان على كل السلطات، فهى التى تشرّع، وهى التى تنفذ، وهى التى تطفف الكيل وتخسر الميزان. تجعل العنف قانوناً، والتصحر دستوراً، والطغيان شريعة سماوية، تدمر مصر وتمزقها طولاً وعرضاً، شعباً، وتاريخاً، وأرضاً.

 الدكتور مرسى يحذف من التاريخ المصرى أزهى عصوره: العصور الفرعونية، والعصر المسيحى، وعصر النهضة الحديثة، ولا يعترف بغير العرب والأتراك والمماليك. والمصريون فى دستور الغريانى ليسوا أمة وليسوا مصريين، بل هم طوائف، مسلمون ونصارى، وهم ليسوا مصدر السلطات، وإنما الإخوان والمتحدثون باسمهم فى الأزهر هم المصدر، لأنهم المرجع الذى يحدد الحق والباطل والحلال والحرام. ومصر فى أحلام الإخوان ومرشدهم السابق ومرشدهم اللاحق ليست دولة، ولكنها ولاية فى الخلافة التى يحلم كل منهم بأن يتربع على عرشها. هكذا خرج «ست» من سجون عبدالناصر ليمزق جسد أخيه أوزيريس، وجسد أمه مصر!

التعليقات