يبدو الأمر مفاجئًا بل وصادمًا حين تعرف أن طالبًا إخوانيًا قد كسر صناديق الاقتراع في انتخابات اتحاد طلاب مصر، الصندوق الذي يؤمنون به حد التنزّيل ويكفرون بما عاداه من قيم الديمقراطية، لكن الأمر سيبدو منطقيًا أكثر إذا بدأناه من البداية الملائمة.
بعد انتخابات طلابية في 22 جامعة حكومية بدأت في آخر فبراير الماضي وانتهت بجامعة بورسعيد في التاسع من أبريل الحالي، خرجت النتائج لتعلن أن مجلس اتحاد طلاب مصر يتكون من 21 مقعدًا للمستقلين و17 للإخوان المسلمين و8 مقاعد للقوى السياسية، ومقعدين لكل من الجامعات الخاصة والمعاهد، وجامعة الأزهر، ليكتمل مجلس اتحاد طلاب مصر بعضوية 50 طالبًا يمثلون رؤساء ونواب اتحادات جامعات الجمهورية.
بعد انتخابات طلابية في 22 جامعة حكومية بدأت في آخر فبراير الماضي وانتهت بجامعة بورسعيد في التاسع من أبريل الحالي، خرجت النتائج لتعلن أن مجلس اتحاد طلاب مصر يتكون من 21 مقعدًا للمستقلين و17 للإخوان المسلمين و8 مقاعد للقوى السياسية، ومقعدين لكل من الجامعات الخاصة والمعاهد، وجامعة الأزهر، ليكتمل مجلس اتحاد طلاب مصر بعضوية 50 طالبًا يمثلون رؤساء ونواب اتحادات جامعات الجمهورية.
تم إجراء هذه الانتخابات طبقاً للائحة الطلابية الجديدة التي أقرت منذ أشهر قليلة، والتي قام بصياغة موادها اتحاد طلاب مصر السابق ذو الأغلبية الإخوانية، بعد رحلة طويلة من المعارك والانسحابات وفض الاجتماعات وورش العمل - يمكنك أن تعرف عنها أكثر هنا - وبعد وعد بألا تصدر اللائحة الطلابية إلا باستفتاء عموم الطلاب في الجامعات المصرية، والذي لم يحدث وقتها بزعم أحمد عمر، رئيس اتحاد مصر السابق، أنه لم يجد التجهيزات والإمكانيات الكافية لذلك.
على العموم هذه ليست القصة الآن، فقد تم إقرار اللائحة الطلابية الجديدة في يناير الماضي، وتمت على أساسها انتخابات طلابية نزيهة في أجواء ديمقراطية «أبهرت العالم»، بل وخرجت النتائج أيضاً على غير المتوقع لتشير إلى تراجع شعبية طلاب الإخوان المسلمين داخل الجامعات المختلفة مقابل تقدم واضح للطلاب المستقلين وطلاب القوى السياسية المحسوبة على التيار المدني.
ثم قامت وزارة التعليم العالي بدعوة طلاب اتحاد الجامعات الخاصة، والمكون من ممثلي 12 جامعة خاصة، إلى اجتماع لتحديد ممثليهم في اتحاد طلاب مصر في الثامن من أبريل الحالي، ولم يسر على ما يرام، حيث تم منع الجامعة الألمانية ومصر الدولية والجامعة الأمريكية والجامعة الحديثة لتكنولوجيا المعلومات من حضور الاجتماع بحجة أن الجامعات الألمانية ومصر الدولية والحديثة اتحادات طلابها غير معترف بها من إدارات جامعاتهم! وأن الجامعة الأمريكية ليس لها نفس وضع الجامعات الخاصة الأخرى بحكم أنها أنشئت باتفاقية دبلوماسية!.
ولكي لا ننسى فطلاب الجامعة الأمريكية هم أصحاب المبادرة بالاشتراك مع طلاب الجامعات الحكومية بعد ثورة يناير 2011 لعودة كيان اتحاد طلاب مصر!.
بالطبع رفض باقي الطلاب المشاركة في الاجتماع تضامنًا مع زملائهم، ووقعوا على بيان مسبب بالرفض، فأصدر المكتب الإعلامي للوزير بيانًا يجمد فيه مقعدي الجامعات الخاصة في اتحاد طلاب مصر مع إجراء الانتخابات بدونهما، وأنه سيتم تحديد موعد لاحق لاجتماع يتم فيه الاتفاق على ممثلي الجامعات الخاصة والأهلية.
ثم قامت الوزارة بدعوة رؤساء ونواب اتحاد الجامعات والمعاهد العليا المنتخبين لإجراء انتخابات «اتحاد طلاب مصر»، مساء الثلاثاء في التاسع من أبريل، في معهد إعداد القادة في جامعة حلوان. وسط اعتراضات من طلاب القوى السياسية المختلفة على عدم وجود ممثلي الجامعات الخاصة.
وبدأ الخلاف على شيء لا يمكن تخيّله! كيفية حساب الأغلبية المطلوبة لحسم مقاعد المكتب التنفيذي!.
وهنا تأتي المفاجأة الأشد.. اللائحة الطلابية التي وضعها طلاب الإخوان أنفسهم، ووافق عليها وزير التعليم العالي –لا أعرف إن كان مستشاره القانوني قد ألقى عليها نظرة أم لا – ، ثم صدرت بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 23 لسنة 2013.
لا تحدد بشكل واضح كيفية حساب الأغلبية في انتخابات اتحاد طلاب مصر!
فخيّرهم الأستاذ الدكتور المشرف على العملية الانتخابية بعد أخذ رأي اللجنة المشرفة، «علشان ننجز بقى ونشوف اللي ورانا»، وكان هذا أسوأ ما يمكن فعله.
حيث رأى طلاب الإخوان المسلمين أنه يجب إجراء الانتخابات بالأغلبية المطلقة.. أي بحساب ثلثي عدد الأصوات، ورأى طلاب التيارات الأخرى «التيارات المدنية» أن تحسب بالأكثرية أي 50% +1 من إجمالي عدد الأصوات، ونشب النزاع الذي تخللته محاولات لإيقاف عملية التصويت بشتى الطرق وانتهى بأن كسّر أحد طلاب الإخوان صناديق الاقتراع ، على طريقة «ماحدّش هاينتخب هنا النهاردة» مثل الطالب الفاقد في فيلم «الناظر»، لتقرر اللجنة المشرفة إيقافها وإعطاء فرصة لمدة 48 ساعة للطلاب لتحقيق اتفاق على إحدى الآليتين يقره المستشار القانونى لوزير التعليم العالى، وإذا لم يتم الاتفاق خلال هذه المدة سوف يتم تحويل الموضوع إلى إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة لتحديد الآلية المناسبة للتطبيق، وعلى أثر ذلك تتم مخاطبة رؤساء الجامعات للدعوة للانتخابات طبقًا للآلية التى سيتم إقرارها.
هذه الأحداث جرت في حوالي الساعة الثانية صباحاً في معهد إعداد القادة بحلوان، في غياب التغطية الإعلامية المناسبة، وبعد أخبار عن منع وزارة التعليم العالي الصحفيين والإعلاميين من التغطية منذ البداية، بالطبع أصدر طلاب 13 اتحادًا على مستوى الجمهورية «المحسوبون على التيارات المدنية» بياناً يحملون فيه طلاب الإخوان المسلمين مسؤولية إعاقة العملية الديمقراطية ويطالبون بما يلي:
1- تشكيل لجنة قانونية لإجراء الانتخابات برئاسة مستشار بوزارة العدل وعضوية اثنين من عمداء كليات الحقوق يختارون بمعرفة وزير التعليم العالي وممثل واحد عن الوزارة وذلك في غضون 48 ساعة على الأكثر.
2- السماح لكل وسائل الإعلام بتغطية الانتخابات، مع العلم أنهم قد منعوا بقرار من وزارة التعليم العالي من تغطية الانتخابات.
3- مخاطبة لجنة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة في أن تقر أساليب إدارة الانتخابات التي لم تنص عليها اللائحة بشكل صريح.
4- ضم عضوين عن الجامعات الخاصة إلى مجلس اتحاد طلاب مصر كما تنص اللائحة الطلابية.
لكن مسلسل التخبط مازال مستمراً الليلة وكل ليلة من طلاب الإخوان المسلمين، ليصرح صهيب عبد المقصود، متحدثهم الإعلامي لشبكة رصد، بأن «اللائحة الطلابية تنص على أن تتم الانتخابات الطلابية بنسبة 50+1، على أن تجرى الانتخابات بالأكثرية، مشيرا إلى أن الانتخابات قد تمت في جامعة القاهرة والإسماعيلية والمنوفية على هذه المادة».
ما معنى هذه الجملة؟ أين المشكلة إذن؟ وعلى ماذا كان الخلاف بالأمس؟ وأين هذه المادة في نص اللائحة الطلابية المنشور بالجريدة الرسمية؟.
ولا تقف الأمور عند هذا الحد فصباح اليوم 11 أبريل صدر بيان من طلاب الإخوان المسلمين بالعكس تماماَ «فوجئ الطلاب بمستشاري وزارة التعليم العالي - المشرفين على العملية الانتخابية - يعلنون للحضور أنه سيتم إجراء الانتخابات بنظام 50 %+ 1 وهو ما يعد مخالفة صريحة لبنود اللائحة الواضحة حيث أجريت الانتخابات التصعيدية على مستوى رؤساء اتحادات الجامعات بنظام الأكثرية وعلى رأسها جامعة القاهرة».
ما معنى هذه الجملة؟ أين المشكلة إذن؟ وعلى ماذا كان الخلاف بالأمس؟ وأين هذه المادة في نص اللائحة الطلابية المنشور بالجريدة الرسمية؟.
يبدو تكسير صناديق الاقتراع مفهومًا الآن، أليس كذلك؟ إذا كانت نتائج الانتخابات الطلابية منفصلة في سياقها وبيئتها عن الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية خارجها، فلا يبدو أن طلاب الإخوان المسلمين منفصلون تماماً عن تخبّط قياداتهم ومبدأ المغالبة لا المشاركة الذي ينقصه أن يُكتب تحت السيّفين.. بالإضافة إلى إيمانهم العميق بالصندوقراطية ..التي إذا لم تأت لنا بما نريد كسّرناها أيضاً!.