الظاهرة القاسية والكبرى والمشينة التى تجتاح ملاعب العالم يوميا أصبحت فى منتهى الخطورة فى كل أقطار العالم من شرقها إلى غربها من جنوبها إلى شمالها، وهذا يجعلنا نتحسس الخطر القادم الشديد على كل عناصر اللعبة. وأنا أتصور أن قانون الشغب وحده ليس كافيا لإنهاء هذه الظاهرة التى تفشت حتى على مستوى الملاعب المتقدمة والمتحضرة. وأسبابها أعتقد أنها كثيرة وكثيرة جدا وجديرة بالدراسة، وتحتاج إلى المقاومة من الاتحاد الدولى والاتحاد الأوروبى لمكافحة ظواهر التعصب الأعمى أو الشغب القاتل والمميت. أول هذه الأسباب فى رأيى ظاهرة المال التى سيطرت على الأندية عالميا وإفريقيا. ثانيا: وهذا ما يخص الجانب المصرى فى ما يحدث من روابط أتصور أنه من الصعوبة السيطرة عليها حاليا، ومن الممكن مستقبلا إعلامنا، لأنه الذى قام ونفخ وأشاد واستضاف مجموعة من الجماهير حتى أصبحوا نجوم الساعة فى ملاعبنا المصرية. ثالثا: نظام المراهنات فى العالم الغربى أشعل كثيرا من الملاعب لدرجة القتل والاعتداء والتكسير والاقتحامات كالتى تحدث يوميا، وآخرها مباراة الديربى فى إيطاليا بين روما ولاتسيو التى انتهت بالتعادل الإيجابى أول من أمس. ولا أريد أن أتحدث عن رقم المصابين بعد الاعتداء بالسكاكين والتكسير بين الجمهورين، وهو أمر فى منتهى الوحشية قبل المباراة، ولكن الفارق بيننا وبينهم هو القانون، مع أنى متأكد أن القانون هنا فى مصر تأخر كثيرا جدا. فبالفعل تم القبض على كثير من مثيرى الشغب وسيتم عقابهم بما لديهم من قوانين، ومع ذلك أتصور أن المشكلة أعمق وأخطر ولا تقتصر على قانون الشغب فقط، لا بد أن يتم الحل جذريا بقرارات دولية تصدر من قبل الدولة الأم «الفيفا» الوحيدة التى تستطيع أن تسيطر على عمليات الخطر التى تجتاح ملاعبنا، فلا يمر أسبوع إلا ونجد هناك مصابين واعتداءات قد تصل إلى حد القتل.
التعصب الأعمى اجتاح الأرجنتين فى السنوات السابقة، واجتاح بولندا واليونان وصربيا، وبدأ يدخل تدريجيا على الملاعب الإنجليزية، ومنها إلى ألمانيا بأحداث بسيطة جدا جدا مع كل القوة والقانون والنظام، وآخرها طبعا إيطاليا التى تعد من الدول المؤثرة فى ظاهرة الروابط، ولكن الفارق بيننا وبينهم أن كل هذه الأحداث تكون خارج الملاعب بعيدا عن العشب الأخضر.
الخطورة القادمة هى عدم القدرة على السيطرة من قبل الدولة بالكامل، بعد أن تفشت الظاهرة وتغلغلت فى عقول شباب منهم مقدّر ومثقف ومنهم من هو فاقد الهوية ووجد نفسه صاحب قرار. وأعتقد أن الدولة فى القادم تحتاج إلى ميليشيات للدفاع عن نفسها قبل الدفاع عن الملاعب، بعدما حدث من جماهير الأندية الثلاثة المصرية أصحاب الشعبية الكبرى الأهلى والزمالك والإسماعيلى، وأتصور أنها رسالة تهديد من قبل الروابط لبعض الأشخاص حاليا، وبنجاح ساحق انتقلنا إلى مرحلة أخرى وهى قوة الحشد والتهديد بالانتقام، وكلها مناظر شاهدناها فى مباريات الفرق الثلاث فى البطولات الإفريقية، ومن أكثرهم تأثيرا هو أولتراس أهلاوى، ما معناه نحن أقوى من الدولة، نحن أقوى من أى شخص تسول له نفسه الحديث عن شىء يخالف وضعهم ورأيهم.
عاوزين الحل بجد ويكون حلا جذريا ومن القلب لمصلحة الدولة، العقاب بالوقف لأى ناد ولمدة تكون كبيرة وقاسية، فهل سيستطيع أى مسؤول وقف الأهلى أو الزمالك أو الإسماعيلى لمدة عام مثلا؟.. أعتقد لا!