إذا توفرت لك – كما توفرت لى – الفرصة للاطلاع على التاريخ السرى للإخوان، كما سجلته الوثائق البريطانية والأمريكية، أو كما جاء فى مذكرات وشهادات العتاة من رجال المخابرات فى كلتا الدولتين.. فلابد أن تجد الإجابة الشافية لأى سؤال يتعلق بالسلوك الغامض لهذه الجماعة وممارساتها فى الواقع مهما اختلفت العهود أو تغيرت الظروف.. تلك الممارسات والمواقف التى تؤكد عمالتها وارتباطها المشين بأجهزة المخابرات المعادية لطموحات الشعوب فى بلداننا العربية والإسلامية.
فما الذى يدفع تلك الجماعة للوقوف فى خندق المعاداة والخصومة لحزب الوفد الذى يرفع شعار الاستقلال التام وإجلاء قوات الاحتلال البريطانى من الأراضى المصرية؟ وما الذى يجعل هذه الجماعة ترتمى فى أحضان ملك فاسد وعميل؟ ويصفه مرشدها «بالملك الكريم» وهو يقف على أعتابه بكل المودة والإجلال. بينما جلالته كان غارقاً فى ملذاته التى تأباها أخلاق الإسلام ومبادئه، فى تحد سافر لمشاعر الكراهية والمقت التى يكنها له شعبه المقهور..
وما الذى يجعل مرشد الجماعة وكبير سدنتها يطلب من أعضاء الجماعة العكوف على قراءة القرآن بدلاً من رفع راية الجهاد ضد المحتلين. بحجة أن إنهاء الاحتلال برقى الأمة أخلاقاً، وليس برفع السلاح! وما الذى يجعل هذه الجماعة تتآمر لقتل عبدالناصر غيلة بعد أيام فقط من نجاحه فى الوصول إلى اتفاق ينهى به الاحتلال البريطانى لمصر؟ وما الذى يجعلها تخطط بالانقلاب المسلح عليه فى عام 65، بينما هو مشغول بمحاربة الاستعمار البريطانى فى الخليج وجنوب اليمن؟ وما الذى يجعل أعضاء هذه الجماعة يتبادلون التهانى فيما بينهم بهزيمة مصر عام 67، وإظهار الفرحة والحبور بعدوان 56 قائلين بأنه «لا عدوان إلا على الظالمين».. وما الذى يجعل هذه الجماعة ترفض وتعادى مناداة عبدالناصر بالوحدة العربية لمواجهة المخططات الاستعمارية، بحجة أن الوحدة العربية دعوة إلى العصبية التى نهانا عنها الرسول ووصفها بالنتنة؟!
وما الذى يدفع هذه الجماعة إلى بذر الطائفية فى مصر وتخوين المسيحيين وإقصائهم لإيجاد المبررات لدعوات التقسيم والانعزالية؟ وما الذى يجعل هذه الجماعة تتحالف مع السادات لضرب قوى اليسار الوطنى تمهيداً للارتماء فى الحضن الصهيوأمريكى؟
وما الذى يدفع هذه الجماعة لخيانة قوى المعارضة الوطنية بالسعى للتحالف مع مبارك ومقاسمته فى عضوية البرلمان؟
ثم ما الذى يجعل هذه الجماعة تعمل الآن على تحزيم المقاومة الفلسطينية تنفيذاً لتعهداتها بضمان أمن إسرائيل والحفاظ على استقرارها فى الأراضى المحتلة؟! ثم بعد ذلك كله يتهمون معارضيهم بالثورة المضادة، زاعمين أنهم من الفلول!!
صحيح.. وكما يقول المثل العربى : رمتنى بدائها.. وانسلت!!