ايجى ميديا

السبت , 2 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

عن محاسبة المسخرة وسبيل الإفلاس

-  

تثير واقعة استدعاء باسم يوسف للتحقيق قضية مهمة: لماذا تنزعج الأنظمة التسلطية والشمولية من الانتقاد الساخر أكثر ما تخشى النقد الجاد؟ السبب الأساسى أن النقد الساخر أكثر فاعلية فى كشف المسافة بين العالم الخيالى التى تريد فرضه تلك الأنظمة على المجتمع والواقع الملموس، أى بين «الحقائق» التى تصنعها، فى محاولة لخلق وفرض العالم البديل وبين الحقائق المبنية على معطيات يمكن اختبارها عمليا.. ذلك لأن التعبير عن الفجوة بين الاعتقاد والواقع من أهم وظائف النهج الساخر، حتى فى المجتمعات القبائلية.. فمثلاً، بعض قبائل السكان الأصليين لأمريكا- من يطلق عليهم «الهنود الحمر»- لديهم «مهرج معتمد» من ضمن مواصفات مهنته الرقص عارياً عند سقوط الثلج، معلناً أنه بـ«يموت من الحر».. مع ذلك، لا يمكن أن ينتقد نهج شيخ القبيلة والنخبة، أو الحيثيات المؤسسة لذلك النهج. لأنه إذا تم تطبيق نفس المنطق الساخر على هذه الأشياء سيتضح مدى عبث المعتقدات الأسطورية المؤسسة للوضع الاجتماعى السائد.

فهذه مجتمعات مبنية على تصورات جامدة لا تقبل التعديل، ولذلك فهى مهددة بالانهيار الكامل إذا تعرضت معتقداتها- التى تنعكس على نظام المجتمع وتوازن القوى فيه- للنقد الكاشف لبعد العالم الخيالى الذى تصنعه عن الواقع.

محنة المجتمعات القبائلية تصيب المجتمعات السلطوية المنغلقة بصرف النظر عن العصر. لذلك تزامن ظهور النقد السياسى الساخر، العلنى والصريح، فقط مع تجسد الديمقراطية فى أثينا القديمة.

وفى العصر الحديث ازدهر مع تبلور النظام الديمقراطى فى بريطانيا. وليس من المصادفة أن بريطانيا هى أعرق الديمقراطيات الحديثة وفى نفس الوقت لديها أثرى تراث فى النقد السياسى الساخر. فالمجمتع المنفتح سمح بتجذر وتطور هذا التراث، الذى ساعد بدوره على التخلص من السيطرة الاجتماعية والسياسية للأساطير المغيبة العبثية، ومن ثم بناء واقع اجتماعى عقلانى منظم، تسوده التعددية ويتمتع بقدر من التسامح المتزايد مع الزمن.

هكذا يمكن أن يساعد النقد الساخر على نمو وتطور تدريجى لمجتمع تعددى ومنفتح، وفى «صحة جيدة» تسمح له بسعة الصدر المطلوبة لتقبل النقد اللاذع.. فى المقابل يمكن أن يتحول النقد الساخر من أداة للتقدم إلى خطر يهدد منظومة متهالكة من الصعب إصلاحها دون التخلص من معظم أساسياتها، حتى إذا كانت تسمح بانتخابات «صندوقية».. فى هذه الحالة تحاول تلك المجتمعات التخلص ممن يسخر من العبث المسيطر لأنها، تماماً مثل المجتمعات القبلية، تريد الاحتفاظ بنمط عالمها المعتاد.

فكما وضح الفيلسوف «كانط» أن النقد الساخر يتضمن «تحول تصورى مفاجئ»: من انشداد واقتناع بحقيقة معينة إلى إدراك أن تلك «الحقيقة» تعبر عن «لا شىء». وخوفاً من خطر أن تتحول إلى الـ«لا شىء» قد تحاول المجتمعات المريضة أن تدافع عن نفسها عن طريق تأييد قوى سياسية تقمع النقد الكاشف عن عوار واقعها.. هذا ما حدث فى ألمانيا والنمسا فى النصف الأول من القرن العشرين، حيث ازدهر النقد الساخر فى مسارح جمهورية «فايمار» وعلى يد أمثال «كارل كراوس» فى النمسا، ثم تم تدمير ذلك التراث تماماً وبدعم شعبى عام أيد المسيرة القبائلية الكبرى.

ولا شك أن ذلك أدى لازدياد عمق الهاوية التى سقط فيها العالم الألمانى فى النصف الأول من القرن العشرين، بدلاً من تجاوزها. لأنه محيى منظومة كاملة تساعد على إصلاح الأخطاء وتجنب عبث بناء واقع اجتماعى أسطورى. بل هناك نظريات معاصرة تعتبر أن سبب تطور الحس الساخر لدى الإنسان أنه يساعد على البقاء لأن الإنسان الذى تسمح تركيبة عقله العضوية بحس ساخر متفوق يتألق فى التعلم من الأخطاء وتفادى العبث وإيجاد حلول فعالة عند مواجهة ما يهدد بقاءه.. وكما نعرف، فإن «البقاء للأصلح».

من نفس المنطلق فالمجتمعات القبائلية والتسلطية والشمولية، أو المتأزمة على حافة الفاشية، مهددة دائماً بالانقراض والانهيار والإفلاس الفكرى والفعلى، لأنها تعيش فى عالم موازٍ مكون من أساطير متصارعة مع حقائق بديهية ولا تقبل الإصلاح، ولذلك تعمل على قمع أى نقد يشير للفجوة الفسيحة الفاصلة بين الحقيقة الاجتماعية المشيدة لواقع وهمى- ربما يريح الناس نفسياً فى حضن الإجماع المغيب- ومعطيات الواقع القاسى. وللأسف، عندما تقمع تلك المجتمعات أداة النقد الساخر فهى تدعم عملية الانهيار بدلاً من أن توقفها.. بل تفسح المجال للعنف، لأن السخرية تشكل أيضاً منفذاً مهماً للترويح عن الغضب.

التعليقات