قبل أن تذهب معى إلى الهند والصين أتمنى أن تصدقنى حين أقول لك إن الدكتور محمد مرسى لن يحقق للبلد أى تقدم، وبالطبع ولا أى نهضة، لسبب بسيط، أنه عضو جماعة هى فرع لتنظيم دولى لا تهمه الوطنية ولا يعترف بالأوطان، وأجندته تتعامل مع مصر باعتبارها مكسبًا للتنظيم لا وطنا له شعب يملك حلما، فالذى يسعى إليه محمد مرسى هو حلم جماعته ومصلحة تنظيمه بصفته عضوا فى جماعة التنظيم الدولى الذى يتساوى فيه المصرى مع السودانى مع الإندونيسى مع الكويتى، وليس للوطنية عندهم مكان.
كى تعرف أننا لو حكمَنا وطنيون مثل حكام الهند والصين لا أعضاء تنظيمات دولية سرية مثل حكام الإخوان فسنتقدم ولا شك، لنذهب إلى الهند والصين ونشوف كيف خرجتا من المحنة.
فى عام 1991 كانت الهند مفلسة تماما، ألقت المقادير خلال عامَى 90 و91 فقط بمئة وعشرين مليون هندى إلى حضيض أفقر، وأدى التضخم الذى بلغ 17٪ إلى تآكل الدخول المنخفضة. وبحلول عام 1991، أصبح 330 مليون نسمة (اثنان من بين كل خمسة هنود) يعيشون تحت خط الفقر، وانهارت الموارد المالية للحكومة، وأضحت الهند أمام كارثة محقَّقة. كان البلد مفلسا، وقفت المصارف الإقراض للهند، كما ألغت بطاقة الائتمان لعدم السداد، وهبط احتياطى الصرف الأجنبى إلى مستويات لا تكاد توفى إلا بتكلفة أسبوعين من واردات النفط. وطارت حمولة طائرة بأكملها من احتياطى الذهب الهندى إلى لندن تم دفعها رهانا مقابل ضمان قروض قصيرة الأجل من الغرب، لكن بعد هذه الأعوام ماذا حدث للهند حين قررت النهوض؟
نما الاقتصاد بأسرع مما كان على مدى عقود، وبدأت الشركات تشغيل العاطلين، وانخفض حجم التضخم، وانخفض الدَّين، كما تم استرداد احتياطى الصرف الأجنبى النفيس، وتَجنَّبَت الهند الأزمة، وظلت الأضواء مشتعلة لم تنطفئ فى أعظم بلاد الدنيا فى هندسة الكمبيوتر وأكبر عدد مهندسى البرمجيات فى العالم.
أما الصين فعندما تولى هيساو دنج مقاليد الأمور، زار فى نوفمبر 1978 بانكوك وكوالالمبور وسنغافورة، ووصل دنج إلى سنغافورة مرتديا البدلة الصينية (هى تقريبا البدلة الصيفى الشهيرة للموظف المصرى)، وقام بجولة فى أنحاء سنغافورة، ووجد فى البلد نموذجا حديثا متقدمًا تكنولوجيًّا جديرًا بأن تقتدى به الصين لتطوير نفسها، وقال السيد دونج بعد ذلك بعقود: «كانت هذه الرحلة بمنزلة جرعة استنفار ونقطة تحول»، وكانت كذلك حقًّا سواء بالنسبة إلى دنج شخصيًّا أو إلى كل الصين، ولقد كانت -ولا تزال- سنغافورة -التى هى دولة صينية عرقيًّا- مشهورة على نطاق العالم بما تتمتع به من استقرار، وأنها خاضعة لحكم الحزب الواحد، وتفتقر إلى الحريات، واشتهرت كذلك بتحولها السريع والمثير من بلد نامٍ إلى بلد حديث ورأسمالى. وتتدخل الدولة بقوة فى عملية التخطيط الاقتصادى فى سنغافورة، كذلك تقوم بإقامة بنية أساسية حديثة، وجذب الاستثمار الأجنبى. وبينما كان دنج يحاول فى عام 1992 الإسراع فى الإصلاحات، أرسل ما لا يقل عن أربعمئة وفد صينى متفرقين (من المحافظين ورؤساء البلديات وسكرتارية الحزب وغيرهم من الرسميين) إلى سنغافورة خلال سنة واحدة، ليشاهدوا -فى تعجُّب- الصورة التى يمكن أن تكون عليها الصين بعد التحديث. والنتيجة، على سبيل المثال، أنه فى سنة 2000 كانت الصين تصدر 30٪ من لعب الأطفال فى العالم، وبعد خمس سنوات كانت الصين تصنع 75٪ من كل اللعب الجديدة فى العالم!
وأصبحت الصين على مدى السنوات العشر الأخيرة صانع الأحذية العالمى، وتصدِّر حذاءين من بين كل ثلاثة أحذية فى العالم، وصدَّرَت الصين فى عام 2001 ما قيمته 3٫1 مليار دولار قطع غيار للسيارات، ووصل الرقم إلى 9 مليارات دولار خلال السنوات الأربع التالية، وصدرت الصين فى عام 1996 ما قيمته 20 مليار دولار أجهزة كمبيوتر وهواتف خلوية وأجهزة تسجيل «سى دى» وغيرها من الأجهزة الإلكترونية، وبحلول عام 2004 صدَّرت الصين نفس المنتجات بأكثر من 180 مليار دولار، أى نحو تسعة أضعاف، وتصدِّر الصين الآن فى اليوم الواحد أكثر مما كانت تبيعه فى الخارج على مدى عام 1978 وقتما شرعت فى الانفتاح الاقتصادى!