منذ أكثر من شهر أذاع برنامج تليفزيونى تقريرًا عن وجود ديدان بأطعمة المدينة الجامعية لطلاب الأزهر. ولم يلتفت المسؤولون لهذا التقرير وشكاوى الطلاب المتعددة، حتى وصل الأمر إلى كارثة تسمم ما يزيد على المائة طالب منذ يومين.
وفجأة، يترك طلاب الجامعة وفى القلب منهم طلاب جماعة الإخوان المسلمين، أصدقاءهم المصابين؛ ويخرجون فى مظاهرات «عفوية» بلافتات معدة سلفًا، تطالب برحيل رئيس الجامعة وشيخ الأزهر لمسؤوليتهما عن تلك الكارثة!!
ولكننى أقول لكل شاب من شباب جماعة الإخوان، نظم وخرج فى تلك المظاهرات ـ بعد أن أتته أوامر التحرك ـ أنا متضامن مع مطلبك هذا تمامًا، ولكن، لنكن مستقيمين، أليس معنى هذا أنك كان يجب أن تطالب معنا بإقالة وزير النقل ومحافظ أسيوط بعد كارثة قطار أسيوط؟ ألم يكن من المفترض أن تطالب معى بمحاكمة وزير الداخلية عن قتل المتظاهرين السلميين وحالات التعذيب حتى الوفاة؟ أليس من المفترض أن تتضامن معنا فى مطالبتنا بإجلاء حقيقة ضغط النائب العام على المحامى العام لنيابات شرق القاهرة المستشار مصطفى خاطر لتغيير مسار التحقيق؟
ألا تشعر بأنك يجب أن تخرج مطالبًا بإقالة وزير العدل، الذى لعب دورًا فى إخفاء حقيقة قتل محمد الجندى تحت التعذيب؟ ألم يأمرك قادتك فى الجماعة لسنوات بالخروج فى مظاهرات هاتفًا «ع القدس رايحين شهداء بالملايين»، و«يا حكام البلاد افتحوا باب الجهاد»؟ ألم يكن من المفترض أن تخرج عندما أعلن أوباما الأسبوع الماضى أن القدس ستظل عاصمة أبدية لدولة إسرائيل، ولم نسمع للرئاسة أو الجماعة صوت؟ الحقيقة يا صديقى أنك تربيت داخل الجماعة على السمع والطاعة ـ وهو أمر يخصك بالطبع ـ وأنك ترى فى الجماعة الإخوة والأصدقاء والأهل والعائلة، وليس رفاق رؤيتك السياسية فقط! لكن يجب ألا يجعلك هذا تغفل أن قيادات الجماعة الحالية تستخدمك لتحقيق مكاسبها الضيقة فقط، ولكن فى الأمور الأخرى ـ التى طالما نادوا، وجعلوك تنادى بها سنوات، لكنها الآن ضد مصالحهم ـ يحاولون أن يدفعوك لأن «تعمل نفسك ميت»!
فتظهر بمظهر الشخص المتناقض الذى يقول كلامين ويتبنى موقفين، وهو أمر فى صالح قادة الجماعة لكنه بالتأكيد ليس فى صالح الدعوة. أعرف أنك تفكر الآن لم أوجه هذا الحديث لك، لن أخفى عليك فأنا لا أتفق معك سياسيًا، ولا أظننى سأفعل، لكننى أتمنى أن تحكّم ضميرك، حينها قد نتفق على بعض النقاط ويتنازل كل منا عن أخرى لصالح توافق يدفع بأوطاننا للأمام، وسيظل كل منا يرى الصورة الكاملة لبلاده بشكل مختلف ويسعى لتحقيقه، لكن كل منا لن يرى فى الآخر عدوه، سيراه فقط مواطنا يحب بلاده بشكل مختلف، ولهذا يحز فى نفسى الآن أن تكون إنسانًا وتمتهن آدميتك لهذا الحد، و«تعمل نفسك ميت» عندما يحين وقت كلمة الحق، تذكرها دائمًا أنت حى وقد خلقك الله حرًا عاقلاً فلا تقبل غير ذلك.