هل تتذكرون مسرحية «إلا خمسة» التى يحتفظ التليفزيون المصرى بشريط مهلهل لها كان يعرضه فى الماضى.. المسرحية كتبها بديع خيرى ولعب بطولتها نجيب الريحانى الذى لم يلحق بعصر التليفزيون والنسخة التى تشاهدونها بطولة تلميذه الراحل عادل خيرى.. كان البطل يصل دائما إلى الهدف بعد فوات الأوان بلحظات، وهكذا طار منه كنز الذهب ولهذا أطلقوا عليها «إلا خمسة».. هكذا أرى المطرب كمال حسنى الذى احتفلت الإذاعة بذكراه الثامنة بعد 48 ساعة فقط من احتفالها الضخم بذكرى رحيل عبد الحليم حافظ السادسة والثلاثين.. دائما ما يصل كمال حسنى بعد عبد الحليم حافظ، ويسير على خطاه وكأنه دستور حياته.. لست أدرى هل هو الذى كان يحرص على ذلك أم أن الذين وقفوا وراءه أرادوه ليس فقط بديلا عن عبد الحليم ولكن صورة بالكربون ونسخة طبق الأصل؟
كان كمال نتاج تجمع لمشاعر الغضب.. المنتجة مارى كوينى قررت أن تقدم كمال حسنى مع نفس فريق عمل أول أفلام عبد الحليم «لحن الوفاء» المخرج إبراهيم عمارة والنجمة شادية والملحنون محمد الموجى ومنير مراد والشاعر محمد على أحمد.. وأكثر من ذلك فإن اسم «حسنى» مثل اسم «حافظ» ليس هو الاسم الحقيقى.. فكما أن الإذاعى حافظ عبد الوهاب منح اسمه لعبد الحليم شبانة فإن الإذاعى حسنى الحديدى، منح اسمه للمطرب كمال الدين محمد. لم تستمر مسيرة كمال حسنى أكثر من فيلم «ربيع الحب» ولم يتبق منه إلا عدد محدود من الأغانى مثل «لو سلمتك قلبى وادّيت لك مفتاحه»، «غالى علىّ»، «عند بيت الحلو هدى».. الغريب أنه بعد أن ابتعد عن الحياة الفنية لمدة أكثر من 40 عاما عاد قبل رحيله بسنوات قلائل إلى الإذاعة ولكن كان الزمن قد تغير تماما ولم يعد أحد يتذكر كمال حسنى.. جاء كالعادة إلا خمسة.
هل حارب عبد الحليم حافظ كمال حسنى وحاك ضده المؤامرات؟ لا أتصور ذلك فلقد كان عبد الحليم حافظ عام 1956 عند بزوغ كمال حسنى فى بدايات تألقه الجماهيرى، ولم يكن لديه تلك الأسلحة التى يشهرها ضد الآخرين ولكن كمال أحيط بعدد من أصحاب مشاعر الغضب الموجهة ضد عبد الحليم، وكلهم اعتقدوا أن ساعة الانتقام قد حانت، مارى كوينى المنتجة المعروفة كان لديها ثأر شخصى، لأن عبد الحليم رفض التعاقد معها على أفلام من إنتاجها، حيث إنها جرحت مشاعره قبل أن يصبح نجما عندما حذفت مشاهد له يغنى فيها فى تترات فيلم
«فجر» من إنتاجها، كان المخرج عاطف سالم قد صوره وذلك قبل أن يلعب بطولة فيلم «لحن الوفاء» من أجل أن يراه الناس فى بداية الفيلم، ولكن مارى كوينى حذفت اللقطات واكتفت فقط بصوته، وقالت لعاطف سالم إن وجه عبد الحليم ليس «فوتوجينيك «ولم يستطع المخرج أن يدافع عن عبد الحليم فلقد كان أيضا فى بداية مشواره فخضع لها، ولكن عبد الحليم لم ينس ورفض بعد أن أصبح نجما، واسطة كمال الطويل، لكى يلعب بطولة أفلام من إنتاجها، فقررت أن تقدم كمال حسنى.
أما الكاتب الكبير موسى صبرى فلقد كانت لديه أيضا أهداف أخرى، كان غاضبا من عبد الحليم، لأنه تراجع فى اللحظات الأخيرة ولم يسجل بصوته أغنية كان يستعد لها لتصبح دعاية له فى الانتخابات. عبد الحليم لأسباب سياسية لم يفِ بوعده لموسى، ولهذا قرر أن يدعم بقلمه كمال حسنى.. إلا أن مشاعر الانتقام لا تصنع نجاحا.
كمال حسنى كان يصغر حليم بخمس سنوات، ومثل الكثيرين وقتها تقدموا للإذاعة المصرية، وهم يقلدون أداء حليم فى أغانيه الشهيرة حينها مثل «صافينى مرة و«على قد الشوق» و«توبة»، ولكن تميز كمال بأنه الأكثر تطابقا، وهو ما دفع القائمين على الإذاعة إلى عقد مسابقة للمستمعين لاكتشاف من الأصل، وتحديدا فى أغنية «توبة إن كنت أخاصمك وارجع أصالحك تانى» وبالفعل انقسم الجمهور بين الأصل والصورة، واعتقد كمال أن هذا يرضى عبد الحليم، ولكن اكتشف أنه على العكس أثار غضبه، بينما مارى كوينى لم يحقق لها الفيلم المردود التجارى المنتظر وفسخت تعاقدها معه على بطولة ثلاثة أفلام. كان كمال حسنى أيضا لا يتمتع بشخصية المقاتل فلم يطرق أبوابا أخرى، فلقد كانت لديه دائما فروق فى التوقيت «إلا خمسة»!!