ليس أمامهم إلا حل كبير.. هم: الإخوان.
والحل يأتى بعد انهيار «جمهوريتهم» المتخيَّلة، وستنهار معها معجزتهم الكبرى: التنظيم.
الحل إذن ليس لمشكلات مصر ولا للحرب اليومية بين الثورة والثورة المضادة (بقيادة المرسى الجالس على الأشواك فى القصر).
الحل فى الحفاظ على (التنظيم) أغلى ما يملك الإخوان، أو كل ما يملكون فى الحقيقة.
تنظيم من المتوسطين (غير المتميزين.. أو الميديوكر) لا شىء يمنحهم قيمة إلا التراص تحت رايات السمع والطاعة فى وحدات صغيرة (أُسر) وتحت إدارة تشبه (الكشافة) فى جانبها الميدانى و(العصابة) فى إدارتها السياسية والمالية.
هم غرباء (يحاربون شعبا خفيف الدم بكل ثقل الظل، ويحققون مع كوميديان لا يملك إلا كنز المصريين على مر التاريخ: السخرية والنكتة).
هم أيضا أبناء عالم متخيَّل هم فيه «أسياد البلد» وهذا ما يردده منفلتو اللسان منهم، مثل مهدى عاكف، أو غيره ممن يتحولون فى لحظة إلى صناديق «لا وعى الإخوان».. ينافسه فى ذلك صبحى صالح، هما بالتحديد يكشفان ما يدور فى العقل الباطن للإخوانى.. ذلك لأن طبيعتيهما الشخصية (على اختلافها) تنزع سريعا كل الأغلفة الناعمة وتلغى ما تستوجبه الابتسامة الباهتة.
اللا وعى الإخوانى تحوَّل مع الزمن إلى صندوق نفايات الأفكار الموروثة من الفاشية والنازية إلى ركام الحكام المستبدين فى الدول الفاشلة، لا تستطيع التعرف إلى خطاب إخوانى متكامل وسط خلطة النفايات المزروعة فى الرؤوس كأنها حقائق باهية، أو شبكات ذات طبيعة يصفونها أحيانا بأنها ماسونية، وهى فى حقيقتها ليست إلا رابطا يمنح للشخص/ الرجل المتوسط وزنا «افتراضيا» بانضمامه إلى «صفوف» الجماعة.
هذا ما يجعل التنظيم، ولا شىء غيره، سر الإخوان ومعجزتهم.. ليس لديهم إلا جسم كبير، برع الشطار فى الحفاظ عليه، وعندما خرج من الكهوف السرية انكشفت قدراته الضعيفة وانعدام كفاءته.
وإذا كان المرسى هو مرشح التنظيم للرئاسة، فإن الجماعة كلها بالنسبة إلى عموم أهل مصر ليست إلا «مخلفات» من عصور ما قبل السياسة.
هذا الاكتشاف هو الأزمة الحقيقية لجماعة لم يعد لديها إلا الأسلحة المحرمة لتعيش.
نعم، يعلنون على الملأ أنهم سيمنحون لسلاحهم الأخير: الشعارات الدينية، رخصة استخدام فى الانتخابات ويقرر مجلس الشورى فى واحدة من وصلات تهتك سياسية، الموافقةَ على قانون يبيح استخدام «الشعارات الدينية»..
هكذا لم يعد أمام الجماعة إلا العيش فى الممنوع:
1- نائب عام خارج على القانون، وغير شرعى وتتكسر قراراته.. أى أنه لم يعد يصلح حتى ذراع القهر السياسى للمرسى.. لأنه ذراع مشلولة.
2- مجلس تشريعى يفصِّل القوانين ويطبخ الانتخابات بكل انعدام للكفاءة والخبرات، ويقرر كل ما يُفقد الجالس فى القصر مشروعيته الدستورية والقانونية والسياسية.
3- رئيس لا يقدر على تنفيذ قراراته وإصبعه يلعب فى متاهات يصنعها لنفسه!
هنا الحل الكبير.. هو التضحية بالمرسى لتعيش الجماعة.
بمعنى أنه ربما يفكر الإخوان فى تقديم اقتراح بانتخابات رئاسية مبكرة.. لحماية التنظيم الذى إذا استمر بهذا الوضع فإن أعضاءه سيطارَدون فى الشوارع وسيلاحَقون فى بيوتهم، كما حدث مع أعضاء الحزب النازى.. وسيكون شعار كل غاضب ممّا فعله الإخوان بمجتمع صنع الثورة: «إمسك إخوانى».