كم من مصيبة حصلت فى مصر ولم يقُم مرسى بزيارة ضحاياها، أو حتى بادر بردّ فعل سريع وعاجل ويكاد يكون فوريا، العكس هو ما كان يفعله، الصمت والتجاهل حتى إن الناس كانت تصرخ بعد كل حادثة: أين الرئيس؟!
لكن بمجرد طىّ الليل على حادثة تسمُّم طلاب المدينة الجامعية للأزهر كان الدكتور محمد مرسى على رأس سرير طالب من ضحايا الحادثة.
أعرف طبعا أن جامعة الأزهر وبالذات مدينتها الجامعية تشغى بطلاب الإخوان، وهى أكثر جامعة يكاد يكون الإخوان قد سيطروا عليها فى ما يشبه الاحتلال السياسى والتنظيمى، لكن هل هذا هو السبب الوحيد لسرعة مرسى المشهور ببطئه؟
طبعا زيارته لطلاب الأزهر الذين تَعرَّضوا للتسمم فى المدينة الجامعية عمل لا بد من الإشادة به، فهى -إن كانت خالية من الأسباب الإخوانية، وهى ليست كذلك!- دليل اهتمام رئاسى بمواطنينا وشبابنا، لكن الحقيقة أن هذه الزيارة تفوح منها روائح إخوانية كريهة.
دعنا نؤكد أولا أن حالة التسمم التى أصابت أكثر من خمسمئة طالب أزهرى هى جريمة أخرى مضافة إلى الجرائم التى تحياها مصر هذه الأيام من إهمال وفساد وفوضى وغياب للرقابة، وأن مصر لا تكاد تفيق من مصيبة حتى يصيبها فشل الحكم بمصيبة أخرى من سكة حديد إلى حريق إلى حوادث طرق إلى سقوط مبانٍ إلى نحس طال البلد وأنشب مخالبه فيها.
ثم ثانيا تعالَ نؤكد نفاق وفصام الإخوان المسلمين كالعادة، فبينما يبرِّئون محمد مرسى من أى تقصير أو تهمة تتوجه إليه حين تقع واقعة ومصيبة فى البلد ويعتبرون الرئيس غير مسؤول عن هذه الفجائع، فليس هو الذى ساق القطر ولا هو الذى ضرب المتظاهرين بالرصاص وما إلى ذلك من مبررات لتنصُّل مرسى من مسؤوليته، إذا بهم بمجرد وقوع الحادثة الأزهرية يسارع بعضهم بالمطالبة بإقالة الإمام كأنه هو الذى طبخ للطلبة فى مطبخ المدينة الجامعية!
المنهج الذى يريد الإخوان أن يسيِّدوه فى التعامل مع كارثة تسمُّم طلاب الأزهر بمسؤولية شيخه عما جرى ومن ثم استقالة منتظرة أو إقالة مطلوبة (لا شىء فى القانون اسمه إقالة شيخ الأزهر)، هذا المنهج نفسه لو طبقناه على مرسى فلا بد أن يروّح بكره الصبح للزقازيق، فهو مسؤول بشكل مباشر وواضح عن كل الحوادث التى ألمت بالبلد، ولا يكفينا فيه استقالة أو إقالة، بل تجب بحكم مسؤوليته رئيسًا للبلاد محاكمته على جرائم قتل المتظاهرين وخطفهم وتعذيبهم وعلى جرائم الإهمال فى وسائل المواصلات وحوادث الطرق والحرائق!
لكن الإخوان يكيلون طول الوقت بمكيالين، فهى جماعة مريضة بالفصام الذهنى والنفاق الأخلاقى كأنها تستغل تسميم طلاب الأزهر لتسميم المشيخة!