بعد الثورة مباشرة.. اكتشف الإخوان حالة الضعف التى عليها جنرالات المعاشات الذين تولّوا إدارة البلاد بعد أن استطاعوا اختراقهم.
وقدّم الإخوان لجنرالات العسكر خدماتهم.. وتحالفوا معهم.. وقدّموا نفسهم باعتبارهم البديل للحكم، والذين يمكن أن يلتف حولهم الناس باعتبارهم الجماعة الوحيدة المنظّمة.
فى الوقت نفسه، الذى فتحوا فيه الباب مع أمريكا التى استعادت نفوذها بسرعة بعد ارتباكها الشديد فى استبعاد مبارك وعدم فهمها طبيعة ما يحدث فى البلاد.. ولكن سارع الإخوان لتقديم فروض الولاء والطاعة والقيام بنفس دور نظام مبارك..
والتقت السفيرة الأمريكية مرشد الإخوان وقيادات الجماعة للاتفاق..
وقد تعوَّدت الجماعة على الاتفاقات التحتية باعتبارهم تنظيمًا سريًّا، فاتفقوا مع العسكر والأمريكان.
ومن هنا بدأ التغيير فى تصريحات قيادات الجماعة، الذين حرصوا على أن يدوبوا مع الثوار فى أيام الثورة.. ويحاولوا إقناعهم أنهم من القوى الوطنية التى تسعى إلى التغيير (وهم ليست لهم علاقة بالتعبير، فهم جماعة محافظة دائمًا) «من المشاركة إلى المغالبة» مع القوى الوطنية التى شاركت فى الثورة، وقد ردّد ذلك قيادات الإخوان.
لكن ينقضون عهودهم دائمًا.. ودخلوا فى صفقات مريبة مع الجميع.
لكن ظلّت الصفقات السرية مع العسكر والإخوان.
وأصبح الإخوان يدّعون أنهم الثوريون.. وأنهم الثورة وأصحاب الفضل على الثورة.
وبدؤوا فى سيناريو التخلّص من الثوار الأصليين (وهو ما ينفَّذ الآن)..
ومبكرًا خرج أحد الأصوات الإعلامية الإخوانية بعد أن التقى أحد القيادات المتنفذة للإخوان، ليقول إن دور الدكتور محمد البرادعى قد انتهى يوم 12 فبراير 2012.. هكذا قالوها بالفم المليان.. وبدؤوا التخطيط فى تشويه البرادعى، كما كان يفعل نظام مبارك بالضبط.
ويطلقون عليه الآن المؤلفة قلوبهم ليهاجموه.. وهم الذين ذهبوا إلى الدكتور البرادعى عندما عاد من الخارج ليقود المعارضة لنظام مبارك الفاسد..
فيا سبحان الله.
إنهم يستخدمون نفس أساليب نظام مبارك القذرة.
وفى الوقت نفسه، بدؤوا الاتصالات مع أمريكا.. وقدّموا فروض الولاء والطاعة التى تعوّدوا عليها فى ممارساتهم لقياداتهم!!
ولماذا ترفضهم أمريكا.. ما داموا عبّروا عن أنفسهم بأنهم سيقدّمون نفس الخدمات التى كان يقدمها مبارك.
وقدّم الأمريكان دعمهم للإخوان.. ولم يمانعوا فى سيطرتهم على الحكم.
وأرسل الأمريكان مبعوثيهم لتهيئة الأجواء لتسليم الإخوان السلطة.
وحتى فترة أخيرة حاول الأمريكان مع المعارضة للدخول فى عملية سيطرة الإخوان واستحواذهم على السلطة وعلى طريقة نظام مبارك تفويت نسبة ما يقرب من 20٪ إلى 30٪ من التمثيل البرلمانى!!
لكن سياسات محمد مرسى وحكوماته كانت فاشلة.. ولم تستوعب دروس نظام مبارك، واستمروا فى عنادهم وأصروا على إقصاء الجميع.. واستعانوا بالمقربين وأهل السمع والطاعة.
فكان مزيد من الفشل فى إدارة البلاد.. وقد أصبحت مصر على أيديهم ليست دولة فاشلة فقط.. ولكن فى سبيلها إلى الانهيار سياسيًّا واقتصاديًّا.
وهو ما جعل الأمريكان أنفسهم يعترفون بذلك وكما جاء فى تسريبات أمريكية عن صدمتهم فى مرسى والإخوان.
كما نُشر فى جريدة «الحياة اللندنية»، يوم السبت الماضى، 30 مارس: «كشف مصدر مطلع لصحيفة (الحياة) أن (وزير الخارجية الأمريكية جون كيرى أبلغ نظيره الفرنسى لوران فابيوس خلال لقائهما فى باريس الأربعاء الماضى، عن شكوكه باحتمال خروج مصر مع الرئىس محمد مرسى من الأزمة الاقتصادية والسياسية)»، مشيرًا إلى أن «كيرى كان رأيه سلبيًّا حيال رئاسة مرسى، ورأى أن القرارات الاقتصادية التى اتخذها غير فاعلة ولديه تساؤلات عدة حول مرسى ومستقبل مصر معه».
وأكد أن «هناك قناعة فرنسية بأن النفوذ فى مصر ليس فى وزارة الخارجية ولا حتى فى الرئاسة، ولكنه فى إطار جماعة الإخوان المسلمين».
فهذه شهادة مَن ساندوهم.
ورغم هذا يعاندون فى إدارتهم الفاشلة للبلاد.
الشعب يريد الخلاص.