نظرا لما آلت إليه الأحوال فى البلد من سقوط لما تبقى من فتافيت حائط المنطق المنهار وانمحاء لآخر دليل على وجود ما يعرف بالأخلاق وتغيير كامل وشامل وجذرى فى معانى بعض الكلمات مثل كلمة «عدل».. لهذا لم أجد نفسى متعجبا أو مندهشا أو شاعرا بكارثة عقب ما أدلى به وزير ما يسمى بالعدل من تصريحات مؤخرا يؤكد فيها على أنه يرى أن الرئيس أخطأ عندما أقال النائب العام السابق بتلك الطريقة وأخطأ عندما عين النائب الخاص الجديد بتلك الطريقة وانه نصحه بذلك إلا أنه لم يستجب.. وأكد ايضا أنه فكر حينها فى الإستقالة من منصبه إلا أن ما منعه كان تعاطفه مع كون الرئيس يحارب المفسدين.. وأضاف أن الوقوف فى جانب المخطئين أهون بكثير من الوقوف فى جانب المفسدين.. لهذا لم يستقل ولم يشعر بأن هناك كارثة تحدث فى البلاد فيما يخص العدل الذى من المفترض أنه وزيره وكبَّر مخه واتخذ قراره بالوقوف إلى جانب المخطئين ( اللى همه الرئيس وجماعته ) ضد المفسدين ( اللى همه كل الباقيين فى البلد بعد استبعاد الرئيس وجماعته ).. هل رأيتم كيف يتم ليّ عنق المنطق والحقيقة وكيف يجرى التلاعب بالقيم والأخلاق وكيف يتم هدم القانون والعدل على أيدى المسئولين عن القانون والعدل انفسهم؟!.. هل رأيتم أزهى عصور الديموقراطية الجديد الذى مرقنا إليه عبر بوابة خدعة الثورة التى قامت لهدم أزهى عصور الديموقراطية القديم؟!.. هل رأيتم ما نحن بصدده من هدم واضح وحاد وصريح ولا يقبل الشك لما تبقى مما يطلقون عليها دولة القانون؟!.. قانون.. قانون مين يا برنس.. ما قُضيَت خلاص.. بلا قانون بقى بلا وجع قلب.. إذا كان وزير العدل بذات نفسه يتعامل مع خلل قانونى خاطيء وفاضح وواضح كإقالة نائب عام وتعيين نائب عام جديد بوصفه خطأ آه.. بس عادى بقى.. طالما الرئيس بيحارب المفسدين يبقى شغال.. مش حنُقَفلُه ع الواحدة يعنى.. ثم يجيئون بعد ذلك ويحدثونك عن دولة القانون وعن قيم العدل والعدالة بمنتهى العين البجحة.. ثم من فرط بجاحتهم ينتظرون منك أن تصدقهم.. تتوالى طلبات الضبط والإحضار لكل معارض بدون أدنى سند قانونى بخلاف تقديم بعض المجهولين لبلاغات ضدهم.. ثم يتم تقليب هؤلاء المعارضين فى أى قرشين تحت دعوى أنهم كفالة.. ثم يتم التغاضى عن السند القانونى الذى على أساسه قرر السيد «نائب عام مرسى مكتب الإرشاد» ضبط وإحضار هؤلاء المواطنين كما يتم ايضا التغاضى عن السند القانونى الذى على أساسه لا يستدعى النائب العام ابدا أى شخص ممن ينتمون إلى معسكر تلك الجماعة المريضة نفسيا والتى لا تعرف من فن النقد سوى الشتيمة الصريحة والبذاءات المعلنة والعنف الهمجى وكل ما يندرج تحت بند اللا أخلاق.. أما بقى فيما يخص فن النقد الذكى الذى لا يعتمد على البذاءة بقدر ما يعتمد على الخيال فهذا هو ما ليس لهم به طاقة.. وآخرهم فى الرد على مثل ذلك الخيال وهذا الذكاء هو إعطاء إشارة لنائبهم الخاص لمعاقبة هذا الذكى ذو الخيال بشحططته فى كام مشوار للنيابة ثم تقليبه فى قرشين كفالة.. وبعدين ييجوا بعدها ويقولولك قانون.. قانون مين يا باشمهندز؟!.. وعدل إيه يا وزير العدل؟!.. بقى الرئيس أخطا بس إنت كبرت مخك عشان الرئيس كويس وبيحارب المفسدين.. لا والنبى.. قول كلام غير دا.. لقد أضحكتنا تصريحاتك وأبكتنا فى آن.. هل تلك هى خياراتكم الوحيدة فى قول الحقيقة؟!.. إما لا تقولونها وتكذبون كذبا صريحا بشأنها وإما تقولونها ثم تتلاعبون بها كما يتلاعب صانع الفطائر بالعجينة من أمامه؟!.. هل تلك هى خياراتكم الوحيدة.. إما المسكنة والتمثيل والإبتزاز العاطفى للجماهير كما فعل مرسى أيام الإنتخابات الرئاسية وإما التهديد والوعيد بالصوابع كما فعل مرسى برضه.. بس بعد ما المصلحة قُضيَت وأصبح رئيسا؟!.. هل تلك هى جميع أوبشناتكم؟!.. مافيش أى أوبشن أخلاق؟!.. مافيش أى أوبشن ضمير؟!.. مافيش أى أوبشن إنسانية؟!.. هل هذا هو آخركم.. إما كذب أو تلاعب بالحقيقة أو مجاهرة بالعبث واللامنطق؟!
فى ظل كل تلك الهرتلة والكعبلة لا يشغل بالى سوى تساؤل سرمدى واحد.. بعد أن تعود البلد من خطفتها السودة تلك.. متى سيمكننا إستعادة المنطق والأخلاق والشعور الإنسانى المتحضر الذين فقدناهم فى تلك الأيام الغبرة التى نعيشها ؟!