لا أقول إن جماعة الإخوان تحمل داخلها فكرا شيعيا ولا هى قريبة ولا تبذل جهدا فى التقريب مع المذهب الشيعى بل هى سلفية ويزداد تشدد تسلفها منذ السبعينيات مع دفعة عبد المنعم أبو الفتوح والعريان والجزار المتأثرين بسلفية متشددة قادمة من السعودية أثّرت فيهم وفى أجيال الإخوان التالية، حتى أنْهوا تقريبا أى أثر لانفتاح الجماعة الفكرى والفقهى الذى كان موجودا من قبلهم.
لكننى أزعم أن الإخوان من اللحظة الأولى لتكوينهم التنظيمى يتمثلون البناء الشيعى، بل إن المنهج الشيعى يسيطر على أدائهم مع تعبئته بالفكر السُّنى.
دعنى أذكِّرك مبدئيا بأننى لا أحمل ضغائن ولا كراهية لأبناء أى مذهب إسلامى، فضلا عن أننى أومن يقينا بأن الإسلام بلا مذاهب وقبل المذاهب وفوق المذاهب، ولعلك سمعت بعضا من المَرْضى والتوافه يتهموننى بالتشيع، وهو ما نفيته قاطعًا وقطْعًا مرارًا وتكرارًا، دون أن يتردد الكاذبون فى تكرار كذبتهم، وأُحبّ أن يرد على اتهامهم الإمامُ الشافعى، وهو مذهبى الرسمى رغم محبتى الفياضة للإمام الأعظم أبو حنيفة. حيث يرد الشافعى على اتهامه هو شخصيا بالتشيع ببيتَى شعر رائعين:
«يا آلَ بيت رسول الله حُبُّكمُ * فرضٌ من الله فى القرآن أنزله * يَكْفِيكُمُ من عظيمِ الفخر أنَّكمُ * مَن لم يصلِّ عليكم لا صلاة له».
أعود وأقول إن تنظيم الإخوان يقف على أعمدة شيعية تماما.
أولا، نعرف أن الإمامة ليست أصلا فى الإسلام ولا الإيمان عند أهل السُّنة، وهى عند الشيعة تأخذ طابع الفرض والأصل الدينى الذى يقول إنه لا إيمان ولا إسلام لمسلم دون أن يكون مؤمنا بحتمية وجود الإمام والقائد، والولاء له هو فرض دينى.
الإخوان يؤمنون بالإمام ويضعون الإمامة شرطًا فى الدين والتدين، وهذا تشابه يصل إلى حد التطابق.
ثانيا، لا يوجد شيعى إلا قدَّم البيعة لإمامه ومرشده، وهكذا العضو الإخوانى تمامًا، فالجماعة تعتبِر المسلم الذى يموت بلا بيعة فى رقبته قد خالف الشرع والدين، بل مات مِيتة جاهلية، ويعتقدون أن البيعة جزء أصيل وأصل متين من أصول إسلام المسلم، وبغير البيعة يعيش المسلم عيشة جاهلية.
وهذا تشابه بين الإخوان والشيعة يكاد يكون كاملا. والمتأمل لما يقوله الإخوان عن حسن البنا يعتقد أنهم يؤمنون ربما كما الشيعة بعصمة إمامهم.
ثالثا، الشيعة نتيجة المطاردات والملاحقات التى عاشوا بها خلال سنوات النشأة الأولى فى مجتمعات معادية لهم، التزموا مبدأ التقيَّة ومنهج الباطنية. فهم يُظهرون ما لا يُبطِنون حين الملاحقة والمطاردة حتى يأمنوا الخطر والمخاطر، كما أنهم يمارسون التقيّة بالكذب إن لزم الأمر. ثم يصير الكذب مشروعا وشرعيا ويوميا للحماية والوقاية ومخادَعة العدو. والإخوان هم طِبْق الأصل من الباطنية والتقيّة. يُخفُون أكثر مما يُظهِرون، بل وعكس ما يُظهِرون ونقيض ما يؤمنون، وها هم لا يتوقفون عن الكذب، مخاتلةً ومخادعةً وحمايةً وحصانةً لهم من الآخَرين وحربًا منهم على المخالفين والمعارضين.
رابعا، الشيعة ملتزمون دينيا وعقديا بدفع وسداد خُمس ما يكسبون (عشرين فى المئة) فى حياتهم من المال لآيات الله ورجال الدين، وتقوم هذه المؤسسة الشيعية بالصرف والإنفاق على جماعة الشيعة، كلٌّ فى مكانها بهذه الأموال المقتطَعة من الشيعة، وهذا نفس وعين ما يفعله الإخوان، حيث يدفع كل إخوانىّ ثمانية فى المئة من دخله السنوى للجماعة التى تنفق منها على كل ما يخص الإخوان من الإعانة حتى الدعاية، وعلى التنظيم وضد أعداء التنظيم كذلك.
والسؤال: هل هناك أى جماعة مسلمين فى أى مكان فى الدنيا تتوافق وتتفق وتتشابه وتتطابق مع الشيعة مثل «الإخوان المسلمين»؟
الإجابة: لا أحد إلا الإخوان.