معلومًا ومسجلًا أن مرشد الإخوان محمد بديع، الذى أتوا به من المجموعة التى كانت فى السجون، ليفتح صفحة جديدة مع نظام مبارك.. أنه كان على استعداد كامل للتعاون مع مبارك ونظامه.. وأعلن ذلك فى أول حوار تليفزيونى له، بعد اختياره مرشدًا عامًّا.. ولم يكن لديه أى مانع فى مساندة مشروع توريث جمال مبارك الحكم بعد والده.
.. ومعلومًا أن محمد بديع ومكتب إرشاده وقيادات الجماعة خرجوا عن الإجماع الوطنى بالدعوة إلى مقاطعة انتخابات مجلس الشعب 2010، والتى أطلقها د.محمد البرادعى، لفضح النظام والعمل على تعريته وإسقاطه.. وأصر بديع وجماعته على المشاركة فى تلك الانتخابات بعد اتفاقات مع أمن دولة نظام مبارك.. وهو ما وجد ترحيبًا وقتها من قيادات الحزب الوطنى المنحل، على الرغم من وصفهم وقتها بالجماعة «المحظورة».
.. ومعلومًا ومسجلًا أن الإخوان لم يكونوا أبدًا ثوريين ولا دعاة ثورة.. وإن قامت ثورة لن يشاركوا فيها «ألم يُضبط تسجيل لمحمد مرسى يتكلم فيه فى هذا الأمر».
.. وحتى عندما ترشّح محمد مرسى كـ«استبن»، فى انتخابات الرئاسة، لم يضبط مرسى أو أى من قيادات الجماعة يدعى أنه مرشح الثورة.
.. لكنهم الآن يكذبون.. ويضللون.. ويستحلون الكذب.. ويصدرونه بآيات قرآنية.
.. إنه الفجر.
.. وتجد الكذب الواضح فى رسالة مرسى للجماعة، الأسبوعية المؤرّخة «الخميس 16 جمادى الأولى 1434 هـ، الموافق 28/3/2013»، فقد اعتبر نفسه وجماعته الثورة «يا سبحان الله»، إذ يقول «كانت حركتنا ومعارضتنا مع الشرفاء المعارضين الوطنيين السبب المباشر فى قيامها -أى الثورة- وكان شبابنا وقودها وقوتها منذ اللحظة الأولى، بشهادة كل المشاركين معنا من الثوار والوطنيين والمخلصين.. ثم كان استنفار الجموع الغفيرة فى جميع ربوع مصر السبب فى تحولها من مظاهرات محدودة تطالب بإسقاط وزير الداخلية، أو إعادة انتخابات مجلس الشعب، إلى ثورة عارمة تطالب بإسقاط النظام كله، وتغير الوضع برمته».
.. شفتوا الكذب؟! فالإخوان لم يدعوا للثورة، ولا حتى لمظاهرات 25 يناير.. بل أعلنوا فى موالستهم لنظام مبارك أنهم لن يشاركوا فى تلك المظاهرات.
.. ولعل ما يكشف كذب المرشد ومَن كتب رسالته فى محاولة لتزييف التاريخ الحديث، أن المظاهرات خرجت من أول يوم «25 يناير» كبيرة، وفى أنحاء كثيرة من البلاد، تطالب بإسقاط النظام، وكان الشعار المرفوع «الشعب يريد إسقاط النظام».
ولم تكن المظاهرات تطالب بإعادة انتخابات مجلس الشعب المزوّر، التى شارك فيها الإخوان، أو إسقاط وزير الداخلية «فهى مطالب جزئية ربما يفكّر فيها الإخوان، كعادتهم، ويدخلون فى مساومات ومفاوضات بطريقتهم عليها».
.. ويكمل المرشد فى رسالته الكاذبة، «وكان صمود شباب الجماعة فى موقعة الجمل الشهيرة، بشاهدة كل المنصفين، السبب الرئيسى فى حماية الثورة من الإجهاض والضياع على أيدى فلول الحزب الوطنى وأعوانهم من البلطجية وأصحاب السوابق ومعتادى الإجرام..».
.. وما رأيكم فى أن المرشد وقيادات مكتب الإرشاد اتصلوا بشبابهم وطالبوهم بالانسحاب من ميدان التحرير فى ليل موقعة الجمل.
.. وما رأيكم فيمن ذهب إلى مَن يطلقون عليهم فلول الحزب الوطنى وأعوانهم للحوار معهم والتفاوض، «ولعلنا نذكِّر المرشد ومَن يكتبون رسائله أن سعد الكتاتنى ومحمد مرسى ذهبا إلى عمر سليمان للتفاوض، واعتبروا ذلك اعترافًا من النظام بالجماعة.. ومن ثَم كانوا يسعون للانسحاب من الميدان.. وهو ما رفضه الثوار، الذين رفعوا شعار: لا تفاوض إلا بعد الرحيل.. رحيل مبارك».
.. لكنهم يكذبون الآن ويدّعون أنهم الثوار الذين وقفوا ضد فلول الوطنى وأعوانه.. «يا سبحان الله».
ويواصل المرشد الكذب فى رسالته الأسبوعية «ثم كانت المفاوضات العسيرة مع المجلس العسكرى، ومحاولة بناء الحكم الرشيد، ومنع استنساخ النظام البائد وإعادة بناء مؤسسات الدولة من مجلس الشعب إلى مجلس الشورى إلى مؤسسات رئاسية إلى وضع دستور جديد».
.. يا للهول.. إن المرشد وكتّابه يزورون.. فمَن شارك فى الثورة يعلم أن أحداث «محمد محمود» وشهداءها كانت السبب الرئيسى والوحيد لإنهاء المفاوضات العبثية التى كانت تدار مع المجلس العسكرى لتسليم السلطة..
.. وقد دخل الإخوان وقتها فى تحالف مع المجلس العسكرى، حتى إنهم هاجموا الثوار المشاركين فى أحداث «محمد محمود» ووصفوهم بالعمالة والخيانة والممولين من الخارج.
.. إنه الكذب البيّن.
.. ويأتى بعد ذلك مرشد الإخوان ويقول فى رسالته «إن الشعور بالمسؤولية شيمة القادة المخلصين، الذين يقدمون مصلحة الأمة على مصالحهم الشخصية، بل يضحون بمصالحهم وما يملكون فى سبيل نهضة أمّتهم ورفعتها، وقيام الحق فيها وعزة أهلها وأمنهم وسعادتهم».
بالله عليكم، أليس هذا هو الكذب؟!
.. إن ما يحدث الآن فى حكم الإخوان هو مصلحة الأهل والعشيرة والأصهار.. والمؤلفة قلوبهم.. وتحت شعار «طظ فى هذا البلد وناسه وأمنه».. فالأهم الجماعة ومكتب الإرشاد.. ومبنى المقطم.
.. الشعب يريد الخلاص.