السيد/ رئيس العزبة
تحية طيبة وبعد
أنا المواطن الموقع أدناه.. أعلم سيادتكم أني دخلت مكتب النائب العام الموجود في المبنى العتيق فوجدته خاوياً تماماً من أي نائب عن هذا الشعب الذي قام بثورة كما كنت قد سمعت عنها وأنت في السجن.. أنها ثورة من أجل العدالة.. ثورة إستغل حلفائك الحمساويين الإنفلاتها الأمني وهجموا على السجن وقتلوا الجنود والضباط، كي يهربوك منه أنت وصحبتك الذين يتبوأون معك أرفع المناصب في الدولة.. هم وأنت مجرمون هاربون من العدالة ولم يقبض عليكم أحد.
المهم سيدي الرئيس لن أطيل عليك فأعانك الله على العزبة التي تحكمها.. عندما دخلت المكتب وجدت رجلاً يدعي كذباً أنه النائب العام، والحقيقة أنني لم أصدق هذا الإدعاء، وعندما خرجت من عنده توجهت إلى إحدى النيابات القريبة وسألت وكلاء النيابة عنه أخبروني أنه النائب الخاص برئيس العزبة.. فاندهشت لأني أعلم أن نائبك الخاص قد إستقال، ففاجأني أحدهم بقوله:
"إنه النائب الخاص برئيس العزبة لشؤون الحبس والتنكيل بالمعارضين، حيث أن الرئيس كما تعلم كان قد تعدى على الدستور والقانون وأتى بهذا الرجل إلى هذا المكتب وقال لنا إنه رئيسكم الجديد في العمل، فأطيعوه ما أطاعني وأعصوه ما أعصاني، والحقيقة أننا نشهد الله أنه على طاعة الرئيس حافظ وعلى خصومه جائر وعن العدالة غائب وعن اليمين حانث.. ألا تتذكر الواقعة التي حدثت عند قصر رئيس العزبة حين كان معارضي قراراته التي إعتدى بها على الدستور والقانون يعتصمون أمام القصر سلمياً، وجاء أنصار الرئيس ليضربوهم ويسحلوهم ويقتلوهم هناك، ثم ألقوا القبض على بعض منهم وتم تسليمهم لأحد رجالات النيابة فأفرج عنهم لعدم وجود قرينة تستدعي حبسهم؟ فهذا النائب الخاص هو الذي أمر المحقق بأن يحبس بعضاً من هؤلاء كي ينفذ ما وعد به الرئيس في خطابه بحبس هؤلاء، وعندما قُدمت بلاغات ضد هؤلاء من أنصاره وضد من حرضوهم من قياداتهم على الملأ.. تم وضع هذه البلاغات في أدراج هذا النائب الخاص ولم يطلب أي إستدعاء لأياً من هؤلاء حتى الأن ".
فتعجبت من قولهم عن رئيسهم هكذا على الملأ وسألتهم لماذا تطيعون أوامره ؟.. فانتفض شاب منهم وقال بعصبية شديدة:
" لسنا نحن من ننفذ تلك الأوامر.. ألا تتذكر أن في ذلك التوقيت الذي يحدثك عنه زميلي خرج من رجالات النيابة من يدافعون عن القرارات الباطلة التي اتخذها الرئيس وأسموا أنفسهم (قضاة من أجل العزبة) ؟ هؤلاء في الحقيقة هم (قضاة من أجل الرئيس) وهؤلاء هم من تسند إليهم التحقيقات في البلاغات المقدمة ضد معارضي الرئيس".
فتبين لهم أني لم أصدق قولهم، فابتسم زميلهم الثالث بسخرية ثم قال:
" يبدوا وكأنك لا تصدق ما تسمع ولك عذرك.. لكني سأثبت لك" وأخرج من درج مكتبه بعض صور ضوئية لأوراق وأعطاها لي قائلاً:
" هذه صورة لبلاغ قدم منذ يومين ضد بعض من معارضي الرئيس على أنهم من قاموا بالتحريض على العنف في موقعة الجبل التي حدثت منذ أيام، هذا المحقق هو أحد هؤلاء الذين نسميهم (قضاة من أجل الرئيس)، مثل هذه البلاغات يتم التحري عنها بدقة شديدة ثم يتم إستدعاء المشكو في حقهم للإستماع إلى ردودهم فيما هو منسوب إليهم، لكن ما حدث غير ذلك.. حيث سرعان ما أمر المحقق بضبط وإحضار هؤلاء دون أي تحريات لما ورد في البلاغات، ومثل أمامه واحداً من هؤلاء يسميه زملائه في النضال ضد الظلم من سنين طويلة (التنين البمبي)، واكتشف أنه لم تجرى أي تحريات على البلاغ وطالب بندب قاضي تحقيق لكنه غاب عنه أن الوزير المختص لديه في وزارته أيضاً قضاه من أجل الرئيس، بل وما حدث بعدها كان فضيحة كبرى حيث أن النيابة أصدرت بيان كل ما ورد فيه كذباً.. مقارنة بما جاء في محضر التحقيق كما ترى".
خرجت من هذا المبنى العتيق وأنا في حالة من الفزع والقلق والضيق مما رأيته وسمعته من هؤلاء الشباب، وقررت أن أرسل إليك رسالتي هذه أملاً في أن تتراجع عن خطاياك هذه التي حتماً ستذهب بالوطن إلى الهلاك وأنت لا تدرك جهلاً ما تفعله.. فيجب أن تعلم أن الظلم في أي مكان تهديد للعدل في كل مكان، ولم يكن الناس ليعرفوا العدل لو لم يكن هناك ظلم.. وأنت قد إستأثرت لنفسك كل الظلم واتخذته سبيلاً لتحقيق أهداف جماعتك التي كما كانت دائماً تدعي أنهم أكثر من ظلموا في هذا البلد، ولن تسلم أنت وهم من عاقبة هذا الظلم فسوف يأتي يوم يبدوا أنه قد إقترب بأفعالك تحاسب فيه على ما تفعله أنت وجماعتك في الدنيا، وفي الأخرة أذكرك بقول الله تعالى (ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون).
مواطن من الحارة المزنوقة في وسط العزبة.