هذه هى الاستراتيجية الغربية الجديدة فى الوطن العربى، التى نظر لها وأبدع فيها الصهيونى الفرنسى (برنارد هنرى ليفى)، ومن المعروف أنه لعب دوراً كبيراً فى غزو الحلف الأطلسى لليبيا، وفقا لعقيدة آلان جوبيه السياسية التى اختصرها إبان الحرب على ليبيا قائلا: «حربنا فى ليبيا هى بمثابة استثمار للأجيال الفرنسية المقبلة»، ومن أجل تنفيذ تلك الاستراتيجية اعتمدت فرنسا وإنجلترا، بالتعاون الكامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، على الجماعات السلفية المقاتلة والإخوان المسلمين، وقد تمت تجربتهم فى أفغانستان، وتم بنجاح إخراج الاتحاد السوفيتى من وزنه الدولى.
وكان قد بدأ هذا التعاون بين جهاديى تنظيم القاعدة والولايات المتحدة من جهة، والسعودية وباكستان من جهة أخرى، لتطبيق استراتيجية إضعاف الاتحاد السوفيتى وإخراجه من أفغانستان عبر الجماعات الإسلامية، ومن أجل ذلك تعاون الغرب كله والخليج كله وباكستان، وتعاونت أجهزة مخابرات أمريكا وإنجلترا وفرنسا ومصر والسعودية من أجل تنفيذ مصلحة الغرب تحت قيادة أمريكا فى إلحاق الهزيمة بالاتحاد السوفيتى، وفى الوقت ذاته التخلص من الجهاديين الإسلاميين الذين بزغوا مع الصحوة الإسلامية التى جاءت مع ثورة الخمينى فى إيران.
على النهج ذاته والطريق نفسه تم استرجاع تطبيق ذلك فيما عُرف بـ«ثورات الربيع العربى»، وتحت شعار: لكم الشريعة ولنا النفط وأمن «إسرائيل»، تم تنسيق المواقف وترتيب القوة على الأرض فى كل من ليبيا وتونس ومصر، وقد لعبت قطر دوراً هائلاً فى التمويل وتوظيف المؤسسات الدولية والإقليمية، مثل هيئة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، كما لعب دور المنسق والمنظّر الفكرى والداعية الأيديولوجى لهذا التحالف كلٌّ من برنارد ليفى وعزمى بشارة، الذى لعب أدواراً مهمة فى التنظير لحالة تونس ومصر وليبيا، كما فعل «ليفى» فى حالة ليبيا على وجه الخصوص، ولم يكن هذا الدور فى إطار التنظير فقط، بل امتد على أرض الواقع فى الترتيب والتهيئة، سواء ببذل الجهود فى التنسيق بين القوى المحلية وامتداداتها فى الخارج، وكذلك فى تقديم الدعم المادى الكبير لتنفيذ ذلك على أرض الواقع، وما يحدث فى سوريا هو نفس المخطط بنفس الأدوات والتمويل، فإذا كانت الشريعة وتطبيقها هى غايتكم وأسمى أمانيكم، فلا بأس.. لكم ذلك، ولنا- نحن الغرب- نفطكم، وكذلك لنا أمن إسرائيل، فهى السوط الذى يلهب ظهوركم جميعاً، الممسوك من جانبنا دائما، وهى المدافع عن مصالحنا وقتما نشاء.
تلك هى الاستراتيجية التى جُرِّبت من قبل وتُجرَّب الآن، ويتم تنفيذها فى الماضى والحاضر بأدوات من داخلنا وبتعاون من داخلنا أيضا، مثل ما يحدث من تعاون كبير بين كل من قطر وتركيا وفرنسا وأمريكا والسعودية بغرض استثمار ما يطلق عليه «ثورات الربيع العربى».
لذلك كانت الجماعات السلفية المقاتلة والإخوان المسلمون هما خير حليف للغرب ومصالحه، وهناك وقائع على الأرض من اجتماعات وأجهزة ورجال تعاونوا من أجل تنفيذ تلك الاستراتيجية.