يقول «ابن القيم»: الخشية خوف مقرون بمعرفة، وبيّن «ابن القيم» الفرق بين الخشية والخوف، فقال: الخوف حركة، والخشية انجماع وانقباض، فإن الذى يرى العدو والسيل ونحو ذلك، له حالتان: إحداهما حركة للهرب منه، وهى حالة الخوف، والثانية سكونه وقراره فى مكان لا يصل إليه فيه، وهى الخشية.
بالقياس، قال مرسى فى محكم تغريداته: «إذا ما اضطررت لاتخاذ ما يلزم لحماية هذا الوطن سأفعل، وأخشى أن أكون على وشك أن أفعل ذلك».. إذن مرسى يخشى، والخشية هنا من ظاهر«التغريد» خوف على الوطن ومعرفة ما يتهدده من أخطار، ولكن ظاهر «التغريد» ينم عن باطنه، لا تظنوا بالرئيس الظنون، مرسى يخشى بالفعل على وطنه، وطن مرسى فى جماعته، رجل فى جماعة، وجماعة فى رجل، يحكم باسم الجماعة، والجماعة تحكم باسمه.
مرسى والذين معه أشداء على المصريين رحماء بينهم، مصر عند مرسى مصر من الأمصار، أمصار الخلافة البناوية، مرسى يخشى سقوط «عاصمة الخلافة» فى أيدى بنى علمان وبنى ليبرال، مرسى يخشى فى اتجاه آخر، فى اتجاه المقطم، مرسى يخشى سقوط الجماعة من علٍ، مرسى يصعد الجبل ليحمى البيت الكبير، مرسى على وشك أن يفعل، اعتقالات سبتمبر الساداتية نموذج ومثال، هو يهدد كما هدد السادات، «الكل أمام القانون سواء»، فعلاً الجميع سواء أمام قانون الجماعة، ونائبها العام.
زَعَمَ الفَرزدَقُ أن سَيَقتُلُ مَرْبَعاً.. أبشِرْ بطولِ سَلامَةٍ يا مَرْبَعُ، زعم مرسى أن يقطع أصبعاً، يقول: «لن أسمح بأى تجاوز للقانون سواء كان من مؤيد أو معارض، من رجل شرطة أو رجل دولة»، فعلاً ما يهدد الوطن وسلامة أراضيه، هم المؤيدون من رجال الدولة، والمتأخونون من رجال الشرطة، أما المعارضون فلا تسل، ما يهدد مصر ليس ثلاثى أضواء المعارضة (البرادعى وحمدين وموسى)، يهددها حكم المرشد، يسقط يسقط حكم المرشد من فوق المقطم، هذا ليس تحريضاً، لكنه دعاء المصريين آناء الليل وأطراف النهار.
ما يهدد الوطن هو «خشية» من يحكمنا باسم الإخوان، جماعة بلا حدود لا تعترف بالحدود، جماعة الخلافة البناوية، الحلم المتبقى من الخلافة العثمانية، فعلاً هناك ما يتهدد الوطن، ما يتهدد الوطن يتأتى من علٍ، من المقطم، خشيتكم فى محلها، الجماعة على وشك السقوط من حالق، نزع الله من معارضيهم المهابة منهم، ووقر فى قلوبكم الوهن، الرئيس يخشى نهاية جماعته، وطنه الذى يعيش فى رحابه.
مرسى حانق، كهنة المعبد غاضبون، الداخلية حمت «البيت الكبير»، وتركت أهله فى عراء المقطم يُضربون ويُسحلون، الجماعة غاضبة، فليقدم مرسى طعاماً للأسود، لحماً طرياً، حفنة من المعارضين وثُلة من الإعلاميين، وفوق البيعة وزير الداخلية وقائد الأمن المركزى، يشبع ثأريتهم، نزفوا كثيراً من الدماء فوق هضبة المقطم.
الخوف حركة هروب كما هربت قيادات الإخوان من «البيت الكبير» ساعة التقى الجمعان، والخشية سكون وقرار، مرسى يخشى مصير السادات، الخوف حالة لا يفضلها مرسى، الرئيس يخشى، الرئيس منجمع ومنقبض، كامش فى نفسه، ثم فجأة يهدد بأصبعه ويتوعد بقطعها.