في ليلة من الليالي، رأي أحد الحكام القدماء في أثناء نومه أنه في بستان، ويمشي علي ضفة نهر، فزلت قدمه، وسقط في النهر، وتجمع الناس علي ضفتي النهر يتفرجون علي الحاكم وهو يغرق، ولم يحاول أي واحد منهم إنقاذه، فأفاق الحاكم من نومه متعكر المزاج غاضباً.
طلب أحد منجميه الذي يثق بهم ويصدق تفسيراتهم، وحكي له عن حلمه، فشحب وجه المنجم، وقال للحاكم بصوت مذعور آسف: "سيتعرض سيدنا الحاكم في يوم آتٍ للغرق في النهر".
فقال الحاكم بصوت واثق: "ولكني لن أغرق في أي نهر إذا صارت بلادي بغير نهر".
فأمر محمد مرسي برمي القضاة في النهر ثم ردمهم بالإعلان الدستوري الذي إغتصب الدستور والقانون.. فالجماعة أُصيبت مع مرشدها التنفيذي في قصر الرئاسة بعَمَى السلطة، والإخوان منذ سنوات القمع والعمل السرى يعانون من البارانويا سواء جنون العظمة أو جنون الاضطهاد، ويقتاتون الآن على هلاوس سمعية وبصرية عن مؤامرة عليهم وخطط للإطاحة بهم وارتياب من قوى الشعب، وكان حلمهم أن يكونوا الأمر الواقع لهذا البلد، ويَرِثون مكانا يستطيعون به إعادة تفصيل الدولة على مقاسهم، وتصوروا أن كتالوج هذا التفصيل هو الدستور الذى إستماتوا على الإنفراد به وأدخلوا البلد كله بهذا الدستور من متاهة إلى متاهة، ومن توريط القضاء إلى دفعه إلى الصدام وتدمير مؤسسات الدولة.. ليس الأن فقط ولكن منذ ذلك الإعلان الدستوري الملعون.
وفي ليلة أخري رأى الحاكم في أثناء نومه أنه يمشي في بستان كثير الشجر الذي مازالت يتمتع بالخضار رغم عدم وجود نهر يرويه، وبوغت بشجرة ضخمة تهوي عليه وتقتله، فاستيقظ من نومه مرعوبا ً، واستدعي ثلاثة من كبار منجميه، وروي لهم حلمه، وطالبهم بتفسيره التفسير الصحيح.
قال المنجم الأول: "ستتكاثر غاباتك، وتزداد أرباح بلادك من بيع الخشب للدول الأجنبية".
وقال المنجم الثاني: "لا بد من أن أحد أعدائك استخدم سحراً ضدك، ودفنه تحت شجرة، ولا بد من البحث عنه والعثور عليه وإتلافه".
وقال المنجم الثالث: "هذا حلم ليس صعب التفسير، فهو رسالة تحذير وتنبيه يقول فيها ما يريده بوضوح تام وبلا أي غموض".
فقال الحاكم للمنجم الثالث متسائلا ً بصوت غاضب: "وما الذي يقوله؟".
قال المنجم: "يقول إن وفاة سيدنا الحاكم سيكون سببها شجرة من الأشجار".. فصمت الحاكم مفكراً وقد بدا عليه كأنه صدق تفسير المنجم الثالث، وعندما تكلم أمر محمد مرسي بقطع كلّ الأشجار الشابة عند قصر الإتحادية التي في بلاده بعد أن إستعان بميليشيات جماعته ومأجورى ومأمورى مكتب إرشاده وشبيحة وبلطجية فروع جماعته فى المحافظات، وجعل منها جهازه الأمنى وحرسه المتوحش وبلطجيته القتلة المعتدين على أبناء ومواطنى شعبه، فارتكب أكبر من جرم الرئيس السابق وتلوثت يده بدماء شعبه ولم يعُد ممكنا أخلاقيًّا تحمُّل فكرة أن يبقى على كرسيه ذلك الذى أوغل فى دم شعبه واستباح حرمة نساء وطنه وأحلّ قتل الناس بغرض هواه وسلطته.. فنفذ أمره فوراً وقُطعت الأشجار، وظن جهلاً أو غروراً أنه لم يعد في البلاد التي يحكمها أية شجرة، وقام ببناء المزيد من السجون لمعاقبة مواطنيه العاقين، وجلس علي كرسي الحكم مطمئناً غير مبال ببلاده التي صارت بعد شهور أشبه بصحراء جرداء لا سولار فيها ولا كهرباء، وهيأت جماعته أنهم سوف يحكمونها إلى الأبد.
حتى جاء اليوم الموعود بطوفان من الأشجار الشابة التي كانت مستترة خلف تلال الأمل، وهاجمتهم عند المعبد الذي هناك فوق الجبل وفتكوا بهم فتكاً مما جعل ألد أعدائهم يتعاطف معهم من هول المشهد الذي عاشته مصر في ليلة بكى فيها الإخوان على الخرافات التي كانوا يستترون خلفها.. أنهم جماعة إذا غضبت لا تبقي ولا تذر .. وانكشف المستور أمام الجمهور وضاعت الهيبة وبقيت الخيبة.