التمكين؟
هل لديكم غيره؟
الإخوانى لا يعلم، وقبل ذلك لا يفكر: لماذا يكون نجاحك فى إدارة دولة رهن احتلال مؤسساتها ما دمت ستغادرها بعد ٤ سنوات؟
والإجابة التى تدرَّب عليها هى الدخول فى جدل: تتغير الإدارات مع كل رئيس فى أمريكا، وكان هذا يحدث أيضا قبل يوليو ١٩٥٢.
وهنا يصلح أن نقول إن الغَرَض مَرَض، ويصلح أيضا القول بأن الكسل المعرفى يجعل الدفاع عن الجهل قيمة، لأن هناك أكثر من طريقة لإدارة الحكم.. وأن السيطرة لا تعنى بالضرورة احتلالا، على طريقة الاستبداد الديناصورى.
التمكين هو أسلوب احتلال لا إدارة لتصبح الدولة كلها فى قبضة الجماعة، أو لتصبح الدولة هى الجماعة.
مؤسسات الدولة انفجرت فى أولى مراحل التمكين..
أولا، لأنها مؤسسات بيروقراطية تتعارض داخلها المصالح.
وثانيا، لأن كل مؤسسة تحولت إلى «مجموعة متجانسة» أقرب إلى «الطائفة».
وثالثا، لأن روح الثورة مَسَّت الجميع ولم يعد مقبولا بالنسبة إلى سقف التوقعات إعادة إنتاج نظام قديم بوجوه جديدة.
وهناك سبب آخر، ويمثل صدمة لجماعات عاشت على بيع بضاعة الدولة الدينية مغلَّفة بأغلفة ملوَّنة عن رفض الطاغوت، وإعلاء كلمة الله، وإعادة عصر الخلفاء الراشدين.. هذه الأغلفة سقطت بالتجربة مع أول مشاهد للإخوان والسلفيين فى البرلمان، وظهر الوجه القبيح لدولة الفقهاء، ومعه رفضٌ أقوى مما يتخيل حتى أعداء فكرة الدولة الدينية.
وبالتجربة أيضا.. ماذا فعل مخطط التمكين غير وصول الوضع فى كل المؤسسات إلى الحافة؟
■ فى الأمن: لم تعد محاكمات القصاص الشعبى (الجماعى) غريبة أو مدهشة، وهذا تعبير عن أن الحرية/ أو الفوضى ترتبط بالثورة فقط ولكن بالذعر الشعبى من غياب الأمن وأيضا بمجموعات الإجرام المنظم أيضا.
■ فى الاقتصاد: لا يعرف أحد ماذا ستفعل الدولة مع أزمة تقترب كوابيسها بشكل مفزع.
■ فى الخدمات: يتوقع المصريون صيفًا أَسْود دون كهرباء ولا ماء بعد أن ظهرت خلال الأسبوع الأخير ملامح انقطاع الكهرباء مع موجة الحر السريعة.
■ فى العلاقات الدولية: كان قرار البرلمان الأوروبى بوقف المعونات لنظام الإخوان، أكثر من مجرد احتجاج ينذر بفقدان الغطاء الدولى، لكنه كان محاكمة على الهواء وصلت إلى حد طلب قطع العلاقات لا المعونات فقط.
ولأنه ليس لديهم إلا التمكين فإنهم تحالفوا وبشكل طبيعى مع بقايا النظام القديم، لكنهم فشلوا أيضا كما ستقول الصورة بعد توصيل النقاط من ١ إلى ٨:
١- الجماعة تدارى فشلها (فى السيطرة على المؤسسات) أو مخططاتها باللعب فى إنشاء مسارات موازية.
٢- على المستوى الدبلوماسى، هناك تحركات عصام الحداد مساعد الرئيس، خارج نطاق علم ومعرفة وزارة الخارجية.
٣- يتحدثون أيضا عن مخطط تقاسُم السفارات بين الإخوان والسلفيين، سيتم تنفيذه بعد صدور قانون يوسِّع صلاحيات الرئيس فى تشكيل الحركة الدبلوماسية.
٤- اختراق دائرة القيادات الضيقة لجهاز الشرطة من خلال التحكم فى عملية التنقلات داخل الشرطة التى تمّت مراجعتها أكثر من مرة وإعادتها من الرئاسة إلى الوزارة مرورا بمكتب الإرشاد.. فى السرّ طبعا.
٥- هذا طبعا بالإضافة إلى قانون شركات الحراسة الخاصة الذى سيمرَّر عبر مجلس الشورى، وستكون شبكة هذه الشركات دولية.. يبدو أن إحداها ستكلَّف بمهمة حماية قناة السويس فى تكرار لتجربة العراق المريرة...
٦- وهذه التحركات بالنسبة إلى الشريك فى الحكم (العسكر) هى محاولة انقلاب أو استفراد بالشركة، خصوصا بعد رصد تحركات للاتفاق مع ضباط (يُروَى أنهم بايعوا المرشد) أو الإعلان عن قبول عناصر إخوانية فى الدفعة ١٠٩ بالكلية الحربية (من بينهم ابن شقيق الرئيس مرسى).
٧- هنا يبدو تضارب المصالح مختلطا مع نيات غير مفهومة أو تخلخل قواعد قديمة للمؤسسات (إبعاد الألوان السياسية عن الأجهزة الأمنية..) أو الصدام مع قواعد جديدة عادلة (لاستخدامها من جانب الطرف الذى فى يده السلطة).
٨- تضارُب المصالح بين الشركاء، جديد تماما، فلأول مرة تتحرك الأجهزة الأمنية لكشف ما تخطط له الرئاسة ( بل واعتبار هذه المخططات خطرا على الأمن القومى)، وهذا ما يبدو سر تسريبات تغرق الحقيقة وتغطى عليها.
هل وصلت النقاط..؟
ما الصورة التى تراها بعد ٨ شهور من التمكين؟
هذا ما نحن عليه الآن.