غداً يحل أول عيد أم عليهن دون أن يكون معهن أبناؤهن، غداً تتجدد ذكراهم التى لا تغيب عن قلوب أمهاتهم، وفى قلوبنا جميعاً معهن.. محمد الجندى وعمرو سعد والحسينى أبوضيف وجيكا وكريستى، والطفل عمر، بائع البطاطا، وحسام عبدالله، شهيد المنصورة، وغيرهم العشرات من شهدائنا فى بورسعيد، وباقى مدن ومحافظات مصر.
غداً يتذكرن ومعهن مئات الأمهات ممن فقدن أبناءهن على مدار عامين كاملين فرحتهن بشباب كانوا يمثلون لأمهاتهم ولأهلهم أملاً فى المستقبل، وفتحوا باب الأمل لأن يكون هذا المستقبل مختلفاً للوطن كله بمبادرتهم ومشاركتهم فى ثورة عظيمة فى 25 يناير 2011، فأكدوا لأهلهم أنهم (الورد اللى فتح فى جناين مصر)، ورسموا لهم طريقاً لأن تكون أحلامهن بأبنائهن أحلاماً لكل أبناء الوطن.
غداً يتذكرن اضطرارهن فى لحظة معقدة من تاريخ الوطن وثورته اختيارهن محمد مرسى رئيساً للجمهورية فى جولة الإعادة فى انتخابات الرئاسة، ويتذكرن وعده بأن حق الشهداء فى رقبته، وأنه سيعمل على تحقيق القصاص لهم، وسيتذكرن كيف أن هذا الوعد مع حزمة وعود أخرى كثيرة كانت دافعاً للبعض من أبنائهن – قبل شهور من استشهادهم – أن ينتخبوا هم أيضا مرسى دون أن يعلموا أنه سينقلب على كل عهوده ووعوده، بل سيسيل المزيد من دماء الشهداء ليلتحقوا هم أنفسهم بقافلة أنبل وأشرف من ضحوا بأرواحهم ودمائهم من أجل هذه الثورة وأهدافها، ومن أجل حق الشعب فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
غداً يتذكرن أن مبارك ونفراً من رموز نظامه يقبعون الآن فى السجون، بسبب مشاركتهم فى جريمة قتل شهداء الثورة فى أيامها الأولى، بينما غيرهم كثيرون من المسؤولين أيضا تمت تبرئتهم، وبعضهم لم يُحاكم أو يُساءل أصلاً، بينما مرسى وقيادات نظامه ومكتب إرشاد جماعته مستمرون فى إسالة دماء المصريين تارة على أيدى الداخلية وتارة على أيدى ميليشياتهم دون أى محاسبة أو مساءلة، ودون أى ذرة استعداد لتحمل المسؤولية أو الاعتراف بها أو الاعتذار عنها.
غداً أكثر من مائة أم تنضم لمئات سبقوهن، يجددن العهد على مواصلة السعى للقصاص لأبنائهن، ويجددن العزم على استكمال المشوار لتحقيق حلم الشهداء فى وطن عادل حر كريم مستقل، ويجددن اليقين فى أن هذه الثورة ستستمر وستنتصر ببركة دم من ضحوا واستشهدوا فى سبيلها.
غدا.. نقول لهن، لكل أم شهيد صابرة مثابرة، كل عام وأنت بخير، كل عام وأنت أم لنا جميعاً ولكل المصريين، كل عام وأنت تضربين لنا مثالاً فى الصبر وتقدمين لنا نموذجاً فى التضحية، وتعلمينا الجلد والتحمل والتمسك بالأمل والإصرار على الحلم، كل عام وأنت يا أم كل شهيد تقوديننا وتجددين العزم فينا على أن نستكمل معاً مشوار الثورة ضد كل ظالم وكل مستبد وكل قاتل وكل مجرم، كل عام وأنت يا أم الشهيد أنبل وأكرم من فينا.