هل ما حدث يوم السبت 16 مارس 2013 حادث مفتعل؟
يعتقد البعض، ممن يؤمنون بنظرية المؤامرة، أن ما فعله الإخوان أمام مقر المحظورة بالمقطم هو متعمّد، واستدلّوا على ذلك بنشاط لجانهم الإلكترونية المبالغ فيه، وتكرار ذات الجمل، بنفس الصياغة.
أقول المحظورة لأنها محظورة فعلًا، ما زالت الجماعة ليس لديها أى وضع قانونى يسمح لها بامتلاك مقر ومزاولة أى نشاط، كما أنها كانت محظورة قانونًا فى عهد مبارك، والآن هى محظورة قانونيًّا وشعبيًّا، وإلا فلماذا لا ينزل قيادات الجماعة يتجوّلون فى الشوارع دون حرس إن كانوا يأمنون الشعب؟
وهنا بيت القصيد.
أعضاء الجماعة يشعرون بالعزلة، وأن قياداتهم طريدة الناس. إنه فى يوم السبت الموافق 16 مارس 2013 تم طرد السيد رئيس الجمهورية محمد مرسى العياط، من جامعة سوهاج، وهرب الرجل بعد أن ألغى مؤتمرًا كان ينتوى عقده، لكن، ولله الحمد، لم يهرب حافيًا هذه المرة.
فى اليوم الذى طرد فيه محمد مرسى من سوهاج شر طردة، قام مكتب الإرشاد بإعطاء الأوامر لعناصر جماعة الإخوان المسلمين بضرب المتظاهرين أمام المقر المحظور للجماعة المحظورة، لكن الرسالة ليست موجهة إلينا بالمرة، وإنما المقصود بها هم عناصر الجماعة ذاتهم.
لنفهم المشهد، علينا أن نقرأ عقلية مكتب الإرشاد. مكتب إرشاد الجماعة لا يهتم سوى بطرفين: الطرف الأول، هم فقراء مصر فى العشوائيات والقرى والنجوع، الذين تحرص الجماعة على الإبقاء على فقرهم لتضمن أصواتهم فى الانتخابات، فالجماعة تعلم أنها ستحصد أصواتهم بالطعام، حتى إن كان يكرهها هؤلاء الفقراء، لكن الجوع كافر، وسيضطر الجائع إلى التصويت لمن يعطيه طعامًا لا يذوقه إلا فى موسم الانتخابات. الطرف الثانى والأهم، هو عناصر الجماعة، والذين بلغ عددهم نصف مليون، حسب رواية ثروت الخرباوى، وهم يمثّلون الجند الذى يعطيه مكتب الإرشاد الأوامر بالنزول أو الانسحاب أو الضرب أو النحنحة والابتسامة اللزجة، ويهتم مكتب الإرشاد بالروح المعنوية للجنود تمامًا كما تهتم القوات المسلحة بروح جنودها المعنوية، والحقيقة أنه، وبسبب الفشل المتوالى لجماعة الإخوان المسلمين فى إدارة شؤون البلاد، وبسبب الكراهية المتنامية للجماعة وأعضائها، وبسبب استخفاف الجميع بقياداتها، فإن عناصر الإخوان تعانى الآن من تردّى الروح المعنوية، الأمر الذى يستلزم صناعة أى انتصار قريب، وبما أن الانتخابات قد تم تأجيلها، فإن الجماعة تحتاج إلى انتصار، وإن كان صوريًّا، لاسترداد الروح المعنوية للجنود، ثم جاءت الطامة بالنسبة إلى الجماعة، ألا وهى طرد الرئيس من سوهاج، لا تكمن الطامة فى طرده وهروبه فقط، وإنما تزداد حدة الألم حين يُطرد الرئيس من إحدى محافظات الصعيد الذى طالما تفاخر الإخوان بامتلاكه وضمان أصواته فى الانتخابات، الأمر الذى يزيد من تدهور الروح المعنوية لدى جنود الإخوان المسلمين، وبناء عليه، قرّرت إدارة الشؤون المعنوية لمكتب الإرشاد افتعال هذا الشجار، وتصويره، ونشر الصور والفيديوهات لإشعار عناصر الجماعة بإحراز انتصار ما. ليس أدل على ذلك من تصريحات غزلان نفسها، حيث قال إنها ليست المرة الأولى التى يتم فيها التظاهر أمام مقر الإخوان، بل صرّح بأن المرات السابقة كان يقوم بعض الشباب بإلقاء المولوتوف والحجارة على المقر، ثم اعترف مرة أخرى بأن الشباب الذى وقف أمام المقر يوم السبت 16 مارس لم يمارس أى عنف، وإنما «استفز شباب الإخوان بالسباب»! طب إدينى عقلك، شباب يلقون المولوتوف والحجارة على مقر الجماعة، فلا تقوم عناصر الجماعة بالتصدى لهم، ثم يأتى شباب آخر لرسم الجرافيتى على أسفلت الشارع فتقوم عناصر الجماعة بضربهم، مع الوضع فى الاعتبار أن عدد المتظاهرين هذه المرة كان أقل من كل المرات السابقة. الدليل الثانى، هو تداول لجان الإخوان الإلكترونية فيديو ضرب أحمد دومة بفخر وزهو وتباه والاحتفاء بسحل دومة كما لم تحتفِ الجماعة بنصر أكتوبر سنة 1973 مثلًا! ليه؟ هى دى أول مرة أحمد دومة يتم ضربه؟ دومة ضُرب من الأمن المركزى، ومن أمن الدولة، ومن بلطجية الإخوان عند الاتحادية، فلماذا تحميل الحدث أكثر مما يحتمل والاحتفاء به كأنه انتصار غير مسبوق؟
الحقيقة أنه ليس انتصارًا بأى حال من الأحوال، وليس هناك أى مدعاة للفخر أن يصفع رجل امرأة، وإن كانت عاهرة، فما بالك بامرأة الشعرة من رأسها تزن كل جماعة الإخوان بأوزانهم الثقيلة، وليس هناك أى شجاعة فى التكاثر على دومة ذى البنية النحيلة، لكن الجماعة أرادت أن ترفع من روح خرفانها المعنوية.. رفعتوها؟ انتظرونا يوم الجمعة