يتناقل الناس هذه الأيام فتوى جديدة «لانج» أطلقها واحد من الـ77 مليون «شيخ» المتفرغين للفتاوى التليفزيونية التى تنكد علينا حياتنا، اللى مش ناقصة نكد بأن عيد الأم حرام! والخبر الحقيقة أصابنى بالصاعقة، وسأشرح لحضراتكم لماذا بطريقة موضوعية تعطى كل ذى حق حقه، من الناحية الخاصة المتعلقة بوالدتى ونور عينى رحمها الله، فأنا كل ما يأتى عيد الأم، لا تتوقف دموعى عن الانهمار عند سماع الأغانى المعتادة لهذه المناسبة، وأفتقد والدتى الحبيبة بشكل مؤلم حتى النخاع، وبالتالى قد يعفينى إلغاء عيد الأم من مسألة الأغانى المؤثرة ويعدى اليوم بسلام نسبيا، يقتصر على الشجن الموجود دائما وأبدا منذ رحيلها الصادم، لكن من ناحية أخرى الحق يتقال أنا عندى بنتين زى الفل ربنا يحميهم ويخليهم لىّ، وبالتالى أنتظر كل عام يقوموا بالواجب، ويجيبوا الهدايا، وده طبعا مصلحة وفرصة للتورتة والحلويات والذى منه، ناهيك عن قيام الزوج العزيز أيضا بالمجاملة تضامنا مع الجو الاحتفالى، فإذا كان السادة الفضائيون مصممين على حرمانية عيد الأم فسؤالى الجوهرى فى هذه المسألة، هل ينفع البنات يدونى «حقى ناشف»، وأنا اشترى اللى عايزاه؟ وكده نضرب عصفورين بحجر، أولا نتفادى «الحرمانية» بالاحتفال بالأم الغلبانة والعياذ بالله، وثانيا أنا كمان آخد قرشين أتشبرق بيهم، فهل يا ترى يا هل ترى ينفع كده يا مولانا ولا إنت مصمم على قطع عيشى؟
وبعدين يا جماعة ارحمونا بقى هى كل مشكلات البلد خلصت، وكل القضايا الخلافية تم حسمها فقررتم الدخول على الأمهات اللى همّ بطبيعة الحال نساء، وبالتالى إيه المانع ننكد عليهم فى إطار الهجمة الشرسة على المرأة بصفة عامة على أساس أنها سبب المشكلات المحلية والإقليمية والدولية والفضائية، ولولا الملامة كنتم طالبتم بنفيها خارج كوكب الأرض علشان حياتكم تبقى مستقرة وسعيدة بالنظر إلى أنه بعد هذا النفى مش حيبقى فيه حد تضطروا، يا حرام، تضغطوا على مشاعركم الرقيقة وتقاوموا التحرش بيه، أو تغضوا البصر عنه، لكن حيث إن ذلك غير ممكن للأسف، ويجب أن تحتفظوا بالنساء على كوكب الأرض حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا، فيبدو أنكم قد قررتم أن تملؤوا الوقت الفضائى لبرامجكم بإصدار فتاوى تهاجم «الحيطة المائلة» فى هذا البلد بعد الثورة، وهى المرأة، وذلك فى ما يبدو أنه عقاب لها على نزولها ودعمها لكم فى نجاح «ثورتكم»، التى تفاخرون بها لأنها أتاحت لكم التنكيد علينا من فضائياتكم الخانقة، والتى تشفط الأكسجين المحيط بنا بطريقة منتظمة لغاية ما نقول حقنا برقبتنا.
حرام عليكم بقى هى حصّلت عيد الأم يا مؤمنين؟ الأم التى ذكرت فضائلها وفضلها فى القرآن وأوصى الله سبحانه وتعالى بإرضائها وتكريمها والعناية بها؟ الأم التى ذكرها الرسول الكريم السمح المتواضع رقيق القلب صلى الله عليه وسلم فى أحاديثه مؤكدًا تفرد مكانتها وموصيا بها؟ الأم التى حملت وأطعمت ومرّضت وكبّرت حضراتكم جميعا، ولا يعوض فقدانها شىء، بعد هذا كله رأيكم أن الاحتفال بها يوم واحد فى السنة الطويلة العريضة حرام؟ ويا ترى ده بأمارة إيه ووفقا لأى تفسير يا ترى؟ والحقيقة إحنا مش عايزين نسمع التفسير ده من حضراتكم، وإذا كنا غلطانين يا أسيادنا فاتركوا عقابنا لله سبحانه وتعالى، ولاّ حضراتكم حصلتم، ونحن لا نعلم، على توكيل حصرى بإصدار الفتاوى ورسم حياتنا والتدخل فى تفاصيل ما نحبه وما نكرهه، إحنا اتخنقنا منكم، ونؤكد لكم أن الحكم على صحيح إسلامنا لا ينتظر «صك غفران» منكم، والإسلام علاقة مباشرة بين المرء وربه المطلع على القلوب، وهو الذى، سيحاسبنا على ما قدمت أيدينا وعلى نوايانا فى أفعالنا وهذا هو ما يجب أن تشغلوا أنفسكم به، أن تراقبوا أفعالكم، وتعلموا أن الله الرحمن الرحيم، هو المطّلع على حقيقة نياتكم، التى تبدو لنا فى غلظة القلوب التى تؤدى إلى تنفير الناس وفضهم من حول ديننا السمح العادل، الذى يدعونا إلى الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فكفاية بقى.. ارحمونا واعتبروا إن الكلام معاكم خلص يا حضرات، وكل واحد فينا يبص على نفسه ويعمل حساب آخرته، طمعا فى أن يحسن الله ختامنا جميعا.